المرأة بين حكم الشريعة والمساواة

يناقش الوسط القضائي والإعلامي في مصر بحدة تعيين قاضيات بعد صدور قرار يجيز ذلك. تقرير نيللي يوسف التي تحدثت مع بعض المؤيدين والمعارضين لجلوس المرأة على المنصة.

تهاني الجبالي، الصورة: أهرام ويكلي
تهاني الجبالي أول قاضية مصرية في المحكمة الستورية العليا

​​

"أقسم بالله العظيم أن أحكم بين الناس بالعدل وأن أحترم القوانين" بهذه الكلمات بدأت المرأة المصرية صفحة جديدة في تاريخها حيث أدت أول 30 سيدة هذا اليمين الدستوري أمام عدسات مصوري الصحف والقنوات التلفزيونية للعمل كقاضيات بعد صدور القرار الذي يعد الأول من نوعه من مجلس القضاء المصري الأعلى في 2 أبريل/نيسان 2007 بتقلد المرأة المصرية منصة القضاء.

أدت القاضيات اللواتي ترتدين الغالبية منهن الحجاب اليمين في مبنى محكمة النقض بوسط القاهرة. وقد كان من المفروض تعيين ا3 قاضية ولكن اعتذرت قاضية واحدة قبل أداء اليمين بيوم واحد بعد أن اجتازت الامتحان بمهارة لأسباب شخصية كما قالت.

تقدمت للامتحانات التحريرية والشفوية 124 عضوة من عضوات هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة وكانت الشروط ألا تقل أعمار المتقدمات عن 30 عاما. وهن أكبر عدد يصدر قرار بتعيينهن منذ عين الرئيس حسني مبارك تهاني الجبالي قاضية في المحكمة الدستورية العليا عام 2003، مما أثار الاعتراضات والصخب على عمل المرأة بالقضاء في الشارع المصري.

ضغوط غربية؟

وأصيب الوسط القضائي بانقسام في الآراء فمنهم من شجع جلوس المرأة على المنصة باعتباره تكريسا لمبدأ المساواة بين الجنسين وتقليدا تتبعه دول إسلامية وعربية ومنهم من رفضه بشدة باعتباره مخالفا لتعاليم الدين والشريعة ولا يتسق مع تقاليد المجتمع.

القاضي محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض عبر أن حفل أداء اليمين للقاضيات ما هو سوى مجرد استعراض حكومي، الغرض منه القول للغرب أن مصر تنتهج سياسات تحررية وتنصف المرأة. وقال أن تعيين المرأة قاضية سيثير الكثير من المشكلات وخاصة أنه في الشريعة الإسلامية شهادة الرجل أمام القضاء تعادلها شهادة امرأتين ولذلك لا يمكن أن تجلس المرأة على مقعد القاضي بحسب رأيه. بالإضافة لكون المرأة تحكم بعواطفها قبل عقلها ويمكن أن تنحاز للمرأة وليس للرجل.

وذكر البعض أسباب تحريم تولي المرأة القضاء أن عملها يستوجب غلق باب قاعة المداولة عليها مع قاضيين أو أكثر من الذكور ولساعات طويلة مما يدخل في إطار الخلوة غير الشرعية، وإن هيبة القضاء ستهتز إذا كانت القاضية حامل.

أما التصريحات التي أثارت عاصفة من الجدل تصريحات المستشار مجدي الجارحي السكرتير العام المساعد لنادى قضاة مجلس الدولة الذي أكد أن تولى المرأة للقضاء حرام شرعا رغم فتوى المفتي المؤيدة لتعيين المرأة قاضية، ومما زاد الطين بلة أنه أكد عدم جواز تولي الأقباط لمهنة القضاء.

ورد الشيخ علي جمعة مفتي مصر في فتوى رسمية بأن الشريعة الإسلامية لا تمانع أن تصبح قاضية، مشيرا إلى أن الإسلام يكرم المرأة بدليل وجود المفتيات والداعيات منذ زمن النبوة. مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلى أكد في كلمته أمام القاضيات بعد حلف اليمين أن الرحلة كانت طويلة وشاقة للوصول لهذه اللحظة.

أما المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة فعبر في بيان أصدره عن ترحيبه البالغ بهذا القرار الذي يعتبر خطوة إيجابية تجاه تصحيح أوضاع خاطئة حالت بين المرأة المصرية وحقها الدستوري في تولي الوظائف القضائية، وخطوة تجاه احترام وتنفيذ لتعهداتها الدولية، لاسيما اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

تأخر مصر عن الدول العربية

وأشار المركز إلى تأخر مصر سنوات طويلة بسبب الأعراف والتقاليد عن هذا القرار لدرجة أن دول عربية وإسلامية سبقتها في هذا القرار مثل أفغانستان التي يوجد بها 150 قاضية، والمغرب 505 قاضية،كما أنه من صالح المجتمع المصري أن يتم تعيين الأكفأ والأصلح للعمل القضائي سواء كان رجل أو امرأة.

حنان الشعراوي إحدى هؤلاء القاضيات أكدت أنها عملت 14 عاما بهيئة النيابة الإدارية وهي حاصلة على ليسانس حقوق بتقدير جيد جدا ثم دبلوم في القانون العام وأخرى في العلوم الإدارية من جامعة القاهرة.

وعبرت أنه ليس من المفترض أن يصادر أحد على عمل المرأة كقاضية ومن يعارض فعليه أن ينتظر ويرى عملنا ثم يحكم علينا من خلال الأداء والكفاءة، مؤكدة أن العمل القضائي لا يحتاج لجهد بدني فهو عمل فني لا تحتاج فيه المرأة أو الرجل لقدرات جديدة خاصة.

أما نانسي نبيل حبيب القاضية بمحكمة الجيزة أن وزير العدل المستشار ممدوح مرعي وضع أفضل العناصر العامة التي تم من خلالها اختيار أفضل العناصر النسائية الموجودة وشروط تولي القضاء للرجل أو للمرأة هي الحياد التام والاستماع بصورة جادة لما يقوله المتهم ودفاعه والخصوم ومطالعة القانون وأحكام النقض بصورة دائمة، بالإضافة لتجاوزهن مراحل هامة من التدريب العملي والنظري حول القضاء وكيفية إدارة الجلسات لتأهيلهن.

أمل محمود عطا رئيسة محكمة بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية أكدت احترامها لكل الآراء الناقدة لعمل المرأة القاضية لأن ما يهمها رأى العلماء وأهل الدين الذين حسموا القضية، مشيرة إلى أنها تعمل منذ 13 عاما بالنيابة الإدارية ولديها أسرة ولم يؤثر ذلك على عملها أو كفاءتها لأن المرأة بطبعها مخلصة في أي عمل تتولاه، والقضاء يعتمد على المستندات والقوانين وليس بالعاطفة مثلما يزعمون برغم أن مجال العاطفة موجود لأي قاضي جنائي بتحديد العقوبة ما بين حدها الأقصى والأدنى.

عادات بالية متزمتة

وأشادت عزة سليمان مديرة مركز قضايا المرأة بالقضاة المستنيرين الذين دافعوا عن حق المرأة في تولي القضاء، معبرة أنه من العيب أن نظل ننظر للمرأة على أنها مخلوق من الدرجة الثانية ونحن في القرن الواحد والعشرين.

"ليس العيب في كفاءة المرأة من عدمها وإنما في الصورة المرسومة لها في بعض الأذهان وفي الموروث من العادات والمفاهيم البالية المتزمتة ، فليس في تكوين المرأة يكمن العيب، وإنما في رؤية البعض لهذا التكوين" حسب قولها.

نيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2007

أول مسلمة تفوز بالجائزة
حصلت شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام لمساعيها من أجل حقوق الإنسان والديموقراطية. لينا هوفمان تعرّف بالمحامية الإيرانية

نساء النيجر أميات ولا يعرفن حقوقهن
حصلت مريما سيسة المدافعة عن حقوق النساء من النيجر على جائزة حقوق الإنسان لاتحاد القضاة الألماني. ساندرا فان إديغ تعّرف بها