مبادرة استثنائية تجمع شبابا من طوائف مختلفة في الضاحية الجنوبية من بيروت

بمناسبة الذكرى الثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية قامت أمم للتوثيق والأبحاث ببيروت بورشة عمل شبابية، اشترك فيها 25 شابا وشابة لتبادل ذكرياتهم عن الحرب الأهلية وتوثيقها. تقرير بيرنهارد هيلينكامب

المشتركون في ورشة العمل، الصورة: برنهارد هيلنكامب
الحرب الأهلية بين السياق الخاص وتفهم الآخر، الشباب لمشتركون في ورشة عمل أمم للتوثيق والأبحاث

​​بمناسبة الذكرى الثلاثين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية قامت أمم للتوثيق والأبحاث ببيروت بورشة عمل شبابية، اشترك فيها 25 شابا وشابة تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشر والتاسعة عشر لتبادل ذكرياتهم عن الحرب الأهلية وتوثيقها. تقرير بيرنهارد هيلينكامب

ورشة العمل، التي تلقت الدعم من معهد غوته في بيروت وكذلك من منظمة ميديكو انترناشونال الألمانية في فرانكفورت، أقيمت في حارة حر انب ليه الأمر في مناطق لبنانية أخرى، فقد أجبر الآخرون ـ في هذه الحالة المسيحيون ـ على الخروج من الحي.

ورغم تغير الكثير من الأمور بعد خمسة عشر عاما، إلا أن بعض الشبان المشتركين في ورشة العمل قد تواجدوا بمناسبة الذكرى العشرين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية لأول مرة في منزل من منازل الضاحية الجنوبية، حيث التقوا هناك في أربعة أيام آحاد متتالية، وتناقشوا حول الحرب الأهلية ووجهة نظر الآخر فيها.

لا غالب ولا مغلوب

بينما كان الناس يعيشون بشكل مختلط قبل اندلاع الحرب، أصبح الاتصال مع الآخر بعد نهاية "الأحداث" محدودا. وكنتيجة للحرب والتطهير العقائدي فقد تكونت مناطق سكنية مغلقة تعيش فيها أغلبيات سكانية تنتمي إلى دين واحد. أما معادلة التعايش في لبنان بعد الحرب الأهلية فهي: لم ينتصر أحد ولم يهزم أحد.

بعد نهاية الحرب في لبنان لم تنشأ ثنائية الفصل بين الأخيار والأشرار كما اعتدنا عليها مثلا في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وهذا النوع من المصالحة يأتي حاملا في جعبته الكثير من الإشكاليات. والحقيقة أو الحقائق فغالبا ما تبقى مهملة. كل شخص في لبنان يقص حكاية الحرب من منظوره الخاص. أما تلك الأجزاء المختَلف عليها من التاريخ فتبقى محرمة على الرأي العام. بل وليس من النادر أن تظل نظرة الطرف الآخر للأمور مجهولة.

أراد الصحفي فيليب أبريشت الذي دعي من قبل معهد غوته والمدربين اللبنانيين معالجة هذا الوضع بمساعدة آلة تصوير أحادية الاستعمال وجهاز تسجيل. وطُُلب من المشاركين الشباب أن يقوموا بالوسائل التقنية المتوفرة طرح موضوع الحرب الأهلية مع عائلاتهم والاستفسار عن ما حدث في بيتهم في يوم اندلاع الحرب.

وجدير بالذكر أنه قد سبق للصحفي فيليب أبريشت وأن قام بمشروع مشابه بآلات تصوير أحادية الاستعمال مع أطفال وجنود أمريكيين في العراق وأطلق على هذا المشروع عنوان: Bagdad Stories

غير أن أبريشت قد جعل موضوع التجربة التي تعين توثيقها هذه المرة الماضي دون الحاضر. اللقاءات التي ُأجريت والصور التي ُأخذت جاءت مختلفة للغاية، وكانت في آخر المطاف أمرا ثانويا. وكثيرا ما قام المشتركون بتوثيق هويتهم صورةً وصوتا أكثر من توثيقهم للحرب ذاتها.

فالمشتركون من عين الرمانة صوروا رموزا مسيحية كثيرة لدرجة تلفت الانتباه. أما الفلسطينيون فقد أعطوا في عملهم نبذة عن الفقر في مخيمات اللاجئين. "لقد قام المشتركون وبالذات في اليومين الأولين من ورشة العمل بارتداء قناع" كما يقول أحد المشرفين.

أما في اليوم الثالث فقد حل نوع من التفهم لموقف الآخر. فسقط القناع بشكل تدريجي. وكان أسلوب الحديث ما بين المشتركين عدائيا في بادئ الأمر حيث استعملوا ألفاظا مثل "أولئك" و"نحن".

صورة من المجتمع وضعت بعض الشيء قيد السؤال عن طريق العمل المشترك. وإن لم ينشأ هنا شيء من الاستلطاف فقد كان من الممكن نشوء القليل من الاستعداد لفهم الآخر. وقام المشتركون الشباب بتوجيه أسئلة لغيرهم ولأنفسهم، ليس فقط حول الحرب وأسبابها بل وعن "الآخر" أيضا.

اعتياد الكراهية وتقبل العدو

وتقول إحدى المشتركات: "لقد اعتاد الواحد منا على الآخر وأصبحنا نتكلم بشكل عادي مع بعضنا البعض، هذا رغم أننا نكّن الكراهية لبعضنا البعض نظرا إلى تاريخنا".

ويقول كمال شيا الذي أشرف على الشباب المشتركين: "لقد التقينا وتحدثنا فيما بيننا بكل صراحة وصدق. وهذا ليس بالقليل". ورأي غالبية المشتركين هو أنه "لا بد من المضي قدما". محمد يريد تعلم البريك دانس من بشير. وبشير يجيبه مودعا إياه بابتسامة "بإمكاني طبعا أن أعلمك الرقص". فيما إذا كان المراهق الذي يعيش في الحي المسيحي في بيروت سيأتي فعلا إلى مخيم اللاجئين عين الحلوة، فهو سؤال تصعب الإجابة عنه.

هنالك الكثير من العقبات التي تعترض طريق الحوار ما بين الأطراف المختلفة في لبنان. ورشة العمل هذه التي قامت بها أمم للتوثيق والأبحاث ما زالت مبادرة استثنائية.

بيرنهارد هيلينكامب
ترجمة مصطفى السليمان
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

إلغاء الطائفية هو أكبر تحدي يواجه المجتمع المني اللبناني
بعد اغتيال رئيس الوزارء السابق رفيق الحريري تظاهر الآلاف مطالبين بانسحاب السوريين واستقالة الحكومة. هل هذه الحركة الجماهيرية بداية انطلاق مجتمع مدني حقيقي في لبنان؟ حوار مع عمر طرابلسي مدير منظمة "مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي".

منظمات المجتمع المدني المتنفس الجديد لشباب مصر
لتزايد ظاهرة المنظمات الشبابية المدنية في مصر قام معهد غوته في القاهرة بالاشتراك مع جمعية نهضة المحروسة بتنظيم يوم لهؤلاء الشباب ليتعرفوا على بعضهم البعض وليعرضوا مبادراتهم وأنشطتهم ولدعم التعاون فيما بينهم. تقرير نيللي يوسف

سلام من بيروت - حوار عبر بطاقات بريدية
سلام من بيروت هو كتاب مجموعة من الرسامين والمصممين وفنانين آخرين يتكلمون من خلال إنتاجهم المصور عن بيروتهم بأسلوب مقالات شخصية ممتعة مجموعة في مئة وستين صفحة.

www
أمم للتوثيق والأبحاث