ضياع الثقة الساسية لدى عرب إسرائيل

تشير نتائج الانتخابات الإسرائيلية إلى أن عرب إسرائيل لن يلعبوا دورا يذكر في تشكيل الحكومة الجديدة. وأَعلن إيهود أولميرت المرشَّح لرئاسة الوزارة، عن أَنَّه سوف يجري محادثات مع كلّ الأَحزاب الصهيونية وقد استثنى بذلك الأَحزاب العربية. تقرير بقلم إغال أفيدان

إمرأة درزية في إسرائيل، الصورة: أ ب
طريق إسرائيل إلى دولة لكل مواطنيها ما زالت طويلة!

​​تشير نتائج الانتخابات الإسرائيلية إلى أن عرب إسرائيل لن يلعبوا دورا يذكر في تشكيل الحكومة الجديدة. وأَعلن إيهود أولميرت المرشَّح لرئاسة الوزارة، عن أَنَّه سوف يجري محادثات مع كلّ الأَحزاب الصهيونية وقد استثنى بذلك الأَحزاب العربية الثلاثة. تقرير بقلم إغال أفيدان

يعتبر ميخائيل كلاينر، رئيس حزب »حيروت«، رجلاً صريحًا في كلامه. فقد كان يرفع أثناء المعركة الانتخابية شعار »إمّا نحن أو هم!«؛ فهو يعني بهذا الشعار كلّ من فلسطينيي 67 وكذلك الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية، الذين يدرج موضوع ترحيلهم وسحب الجنسية منهم في مقدِّمة برنامج حزبه.

كما أَنَّ ميخائيل كلاينر يفعل ما يقول، لهذا السبب انتقل قبل فترة وجيزة مع رهط من اتباعه إلى يافا، وهي اليوم عبارة عن حي عربي-يهودي من أَحياء تل أَبيب. لقد واجهه سكَّان يافا بشتمه كعنصري، يسعى إلى هدم التعايش ما بين العرب واليهود. وكان ردّه: »هذه بلدنا! نحن نريد تعويضكم عنها بسخاء، بحيث تهاجرون إلى واحدة من الدول العربية الاثنا وعشرين«.

خطاب الأَحزاب اليمينية المعادي للعرب

أَخرج ناشط من حزب حيروت كان يتحدَّث بلكنة أَمريكية بارزة في مظاهرة مبلغ أَلف شيكل، وقدَّمها لشاب عربي كدفعة أولى على الحساب، وذلك لكي يظهر مدى جدية اليمين الإسرائيلي في مسألة دفع التعويضات. فما كان من الشاب إلاّ أَنْ نثر هذه الأوراق المالية حوله، حيث تم جمعها من قبل المشاة، وربما من قبل مشاة يهود أَيضًا. لم يتراجع المتظاهرون اليمينيون إلاّ بعدما اُطلقت باتجاههم أَلعاب نارية.

هناك حزبان آخران يدعوان إلى تطهير إسرائيل عرقيًا من الفلسطينيين، ولكن من دون أَنْ يتفوها بمصطلح الـ»ترحيل«.

فعلى سبيل المثال يعتبر وزير السياحة الإسرائيلي السابق، الحاخام بني ألون وهو رئيس الاتحاد القومي الـ»مفدال« (كان له في الكنيست السابق ثمانية مقاعد من أَصل 120 مقعدًا)، الأَردن بمثابة الدولة الحقيقية للفلسطينيين، كما يعتبرها المكان الطبيعي لعرب الضفة الغربية.

قدَّم أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب »يسرائيل بيتنو« (إسرائيل بيتنا - وهو رابع أَقوى حزب في إسرائيل وحصل على 12 مقعدا في الكنيسيت)، مشروعًا لتبادل الأَراضي. وطبقًا لهذا المشروع سوف تقوم إسرائيل بضم المستوطنات الكبرى ويمكن أَنْ تسلِّم إلى السلطة الفلسطينية أَكبر المناطق العربية-الإسرائيلية في الجليل (مثلاً بلدة أم الفحم التي يبلغ عدد سكّانها 40.000 نسمة).

أَمّا حزب »كديما« وهو الحزب الإسرائيلي الأَكبر على الاطلاق والذي سوف يشكِّل ويترأس الحكومة القادمة، هذا الحزب الذي لم يضع اسم أَي مرشَّح عربي في قوائمه الحقيقية، فلم يتسبب على أَيّة حال في إقلاق أَيّ أَحد.

كتب الصحفي الإسرائلي المعروف، ماتّي غولان، قبل فترة قصيرة في صحيفة »غلوبيس« Globes الاقتصادية: »ليس الموضوع موضوع ترحيل، لا سيما وأَنَّ الجميع سيبقون في بيوتهم، فقط سيطرأ تغيير على الحدود. لا يمكن اعتبار هذا الاقتراح غير إنساني، بل على العكس: فهذا الاقتراح يلم شمل العائلات والشعوب«.

وأَكثر من ذلك يُرَدّ الاعتبار إلى أفيغدور ليبرمان من قبل السياسي الليبرالي اليساري يوسي بيلين، رئيس الحزب الصغير »ميريتس«؛ حيث وجّه بيلين دعوة رسمية لليبرمان من أَجل تناول الفطور في بيته ووصفه بأَنَّه »سياسي ذكي جدًا وعنصر فعّال من الدرجة الأولى ويهودي حكيم«. لكن بيلين ذهب فيما بعد بزيارة إلى يافا ووعد المواطنين العرب قائلاً لهم: »هذا هو وطنكم، أَما نحن فسنقاوم كلّ العنصريين«. بيد أَنَّه كان قد تسبَّب في إحداث الخسارة.

إذ أَنَّ المناطق العربية وبالدرجة الأولى مدينة يافا واللد والرملة، كانت بعيدة عن المعركة الانتخابية. وتتناقص في إسرائيل وبصورة متزايدة أَعداد الناخبين العرب، ممن يعتقدون بوجود وزن لصوتهم وبإمكانية تأثير نوّابهم في الكنيست. لقد أَعلن إيهود أولميرت المرشَّح لرئاسة الوزارة، عن أَنَّه سوف يجري محادثات مع كلّ الأَحزاب الصهيونية وقد استثنى بذلك الأَحزاب العربية الثلاثة.

فجوة متنامية ما بين اليهود والعرب في إسرائيل

أَمّا الوعد الذي قطعه أَحد سياسيي المعارضة، أَي رئيس حزب العمل عمير بيريتس، بتعيين أَوَّل وزير عربي في وزارة إسرائيلية، فلن يُغيِّر أَي شيء في المشهد السياسي الإسرائيلي؛ وذلك لأَنَّ حزب بيريتس سيكون المشارك الأَصغر في ائتلاف وزاري ولن يكون بإمكانه الإيفاء بهذا الوعد.

تزداد الفجوة القائمة ما بين الإسرائيليين اليهود والعرب وذلك بسبب المقاطعة والتحيّز؛ تقوم هذه المقاطعة على أَساس ديموغرافي؛ وهدفها هو استقرار الأَغلبية اليهودية في إسرائيل. كذلك يمكن ملاحظة هذه الفجوة في انتخابات الكنيست لعام 2006.

لعب السياسيون العرب في هذه المعركة الانتخابية دورًا في توسيع الفجوة ما بين اليهود والعرب. إذ طالب أحمد طيبي، المستشار السابق لياسر عرفات وزعيم تكتل "الحركة العربية للتغيير"، باستقلال نظام التعليم المدرسي العربي-الإسرائيلي وتوزيع عادل للميزانية.

أَمّا عزمي بشارة، زعيم لائحة "بلد"، فقد بلغ منه أَنْ طالب ببرلمان خاص للعرب، وذلك لضرورة اهتمام العرب بمشاكلهم الخاصة مثلاً هجرة المثقَّفين العرب - على حدّ قوله. ومحمد بركة، رئيس الحزب الشيوعي يريد علمًا ونشيدًا وطنيًا جديدين لإسرائيل، لا يعبِّران فقط عن الأَغلبية اليهودية.

كلما ازدادت حدَّة التركيز على الشعارات في المعركة الانتخابية، كلما قلَّت المنجزات التي يحقِّقها النوَّاب العرب في الكنيست. فقط ثمانية بالمائة من الناخبين العرب يشعرون أَنَّ نوَّابهم يمثِّلونهم، وثلاثة وثمانون بالمائة يعتقدون بعدم وجود أَيّ تأثير لهؤلاء السياسيين على الحكومة.

بقلم إيغال أفيدان
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006