منظمات المجتمع المدني في لبنان: التغلّب على التحدّيات وإعادة بناء الثقة

ورشة عمل في المركز اللبناني للدراسات
ورشة عمل في المركز اللبناني للدراسات . الصورة: المركز اللبناني للدراسات

اعتادت منظّمات المجتمع المدني في لبنان العمل في ظروف غير مستقرّة ومليئة بالتقلّبات المستمرّة. ففي السنوات القليلة الماضية، كانَ عليها أن تُواجِه الأزمات الاقتصادية المتداخلة وتداعيات انفجار مرفأ بيروت وجائحة كوفيد-19 ومشكلة اللاجئين، وأخيرًا التدهور السريع في المشهد الأمني في المنطقة.

أدّت هذه الأحداث مُجتمِعةً إلى تفاقم التحدّيات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني اللبنانية، ولا سيّما لناحية قدرتها على تلبية الاحتياجات المتزايدة في البلد بميزانيتها المحدودة. وتزداد الأمور تعقيدًا بسبب التصورات العامة السلبية حيال منظمات المجتمع المدني، ما زاد من صعوبة عمل هذه المنظمات في العديد من المناطق اللبنانية.

في إطار الهدف الذي يسعى له "مركز الابتكار للتغيير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" والمتمثّل بحماية المساحات المدنية بواسطة الأبحاث المبتكرة والنُّهُج المرتكِزة على بناء القدرات، لاحظَ المركز اللبناني للدراسات، بالشراكة مع مركز الابتكار للتغيير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اشتداد الحملة التي تُساق ضد المجتمع المدني في لبنان، من جهات متعددة، لزعزعة ثقة الناس بمنظمات المجتمع المدني.

يهدف مشروع "تحسين النظرة العامة حيال منظمات المجتمع المدني في لبنان" إلى تمكين هذه المنظمات من خلال تحسين فهمها وإدراكها لدوافع حملات التضليل والتشهير، وتأثُّر الناس بها. يركّز المشروع أيضًا على بناء قدرات منظمات المجتمع المدني باستخدام أدوات الاتصال التقليدية والحديثة لتسليط الضوء بنحو أفضل على إنجازاتها والرد على المعلومات المغلوطة والهجمات السلبية. ويستند هذا المشروع إلى نتائج حملة "كلنا مع بعض نقدر" التي أطلقها المركز في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022.

في سياق هذا المشروع، أجرى المركز اللبناني للدراسات دراسةً عن "تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني"، حيث أُجرِيَت مقابلات مع 30 ممثّلًا عن منظمات مختلفة من المجتمع المدني في لبنان. وحين سُئل ممثّلو المنظمات عن تصورات الناس لأدوارهم، تحدّثوا عن تزايد الضغط لتقديم المساعدة والخدمات، وأجمعوا على أنّ تصورات الناس حيال منظمات المجتمع المدني مغلوطة وغير دقيقة. ومن هذه التصورات المغلوطة، الاعتقاد بأنّ هذه المنظّمات تتلقى كميات طائلة من الأموال، لكنّها لا تساعد بما يكفي، أو لا تستثمر بكامل ميزانيّتها. وأضافت منظمات المجتمع المدني أنّ الكثيرين يُخطئون باتّهامهم بأنّهم يعملون وفق "أجنداتهم" الخاصّة، أو بأنّهم أدوات لمموّلين أجانب.

مع ذلك، أشارت نتائج الاستبيان الذي أجراه المركز اللبناني للدراسات أخيرًا على 1200 مشارك إلى الأدوار الإيجابية التي تؤديها منظمات المجتمع المدني في لبنان، بحسب آراء المُستطلَعين. وبالفعل، فإنّ حوالى 70% من المُستطلَعين "يوافقون نسبيًّا" أو "يوافقون تمامًا" على أنّ هذه المنظمات يجب أن تُراقِب وتُتابع عمل المؤسسات والجهات العامة.

بالإضافة إلى ذلك، رأى حوالى 88% من المُستطلَعين أنّ منظمات المجتمع المدني ينبغي أن تدافع عن الحقوق الأساسية، مثل حقوق الإنسان، والحريات المدنية، والحق في المساءلة. واعتبرَ 92% منهم أنَّ على هذه المنظمات أن توفّر المساعدة والمعونة، وخصوصًا للفئات المستضعفة. وبشكل عام، يريد 77% من المُستطلَعين أن تقوم منظمات المجتمع المدني بكل الأدوار المذكورة أعلاه. وذكرَ أكثر من 70% منهم أنّهم "يثقون نسبيًّا" أو "يثقون" بمساهمة منظمات المجتمع المدني المحلية في إعادة الإعمار والاستجابة الإنسانية بعد انفجار مرفأ بيروت وفي تقديم المساعدة والمعونة خلال الأزمة المالية والاقتصادية.

 

انطلاقًا من ذلك، يتناول هذا المقال أبرز التحديات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني في لبنان، لناحية تلبيتها لاحتياجات الأفراد وتوقّعاتهم، ويقترح توصيات عملية لاجتياز التحديات وتعزيز الثقة.

 

 

الرجاء النقر هنا لقراءة التقرير كاملا من المركز اللبناني للدراسات