الإقامة والعمل في أَلمانيا

اسمي عائشة لاول، يبلغ عمري ستة وعشرون عامًا وأُقدّم لكم تحية من شمال نيجيريا. لقد واتتني فرصة للتطبيق العملي ضمن برنامج "تدريب عبر الثقافات"، والتي يشرف على تنظيمها معهد العلاقات الخارجية الأَلماني.

وفي إطار برنامج الجَندر، الذي تقوم عليه الوكالة الأَلمانية للتعاون التقني، عملت في مجال الاستشارة لمشروع الجندرفي فرانكفورتلمدة ثلاثة شهور واستطعت أَنْ أَكتسب الكثير من الكفاءات والقدرات الجديدة. وهذا ينطبق على التجارب، التي استطعت جمعها في نيجيريا أَثناء عملي، حيث أعمل لمشروع باوباب BAOBAB لحقوق المرأة.

اللغة والحياة اليومية

لا يوجد تفاهم من دون اتصال، أَكان اتصالاً شفهيًّا أَو غير شفهي. سوف أَكون كاذبة إذا ادّعيت، أَنّ اقامتي في أَلمانيا سارت بدون معوّقات، لا سيما ما يخص اللغة. لكن على الرغم من ذلك خضت هذه المعركة. لكن بغض النظر عن أَنّ اللّغة كانت بالنسبة لي بمثابة تحدٍ كبير، فلقد تحسّنت التجارب التي استطعت أَنْ أَخوضها والخبرات التي اكتسبتها بين الثقافات والأَديان أَيضًا، وازدادت معرفتي عن المجتمع الأوروبي وتفهمي له .

في أَلمانيا يُنظر لكل الناس على أَنّهم أَفراد، يتعايشون بسلام مع بعضهم البعض. طبعًا هذا لا يعني أَنّه لا يوجد هناك مشاكل، ولكن التعايش مبني بجملته على هذه التصوّرات. كما أَنّ التعايش السلمي مع أَشخاص من ثقافات أخرى هو جزء من الحياة اليومية.

وفي هذا المجتمع تُحفظ الحقوق الأَساسية للفرد ويمنع القانون انتهاكها، ويتمتّع فيه الرجال والنساء بالحقوق عينها، أَكان في العمل أَم في التعليم أَم في مجالات حيويّة أخرى، يتم حفظ كل هذه الحقوق بالقانون الأَساسي.

المساواة بين الجنسين

ما لفت انتباهي بالدرجة الأولى، هو كيف يتقاسم الرجل والمرأة العمل في البيت، ويجعلا أَيضًا من تربية الأَطفال واجبًا مشتركًا بينهما، ويدمج كل منهما أَيضًا هذه الواجبات في حياتهم العملية. إنّ هذا لتطوّر متقدّم جدًا، بالمقارنة مع المجتمعات الأَفريقية، التي لا تزال تسيطر عليها البنى الأَبويّة الذكورية ويتوجّب فيها على النساء فقط القيام بواجبات معينة.

وهذا لا يعني بالطبع، أنّه لم يعد يوجد في أَلمانيا أَي من أَشكال عدم المساواة في الأمور التي تخص الجنسين، فإن ذلك يبدو لي حاصلاً فقط في حالات استثنائية. وسلوك الشباب الأَلمان مطبوع بطابع التفاؤل والانفتاح وبروح تبادل الآراء بحرية. فالشباب الأَلمان يريد تحقيق الأَفضل في إطار إمكانياتهم وفرصهم، وهم يطورّون أَفكارا على امتداد الآفاق التي تتهيّأ لهم ويفحصون بعناية الأَخطار، التي يمكن أَنْ تكون عقبة لهم أَثناء تنفيذ هذه الأَفكار.

لا بد لي، كوني من بلد فيه الإسلام متوطّد ويسير فيه التفاعل ما بين نساء مسلمات بحرية ومن دون إرغام (فالمسلمون يشكّلون خمسين بالمائة من عدد السكان النيجيريين)، من القول، إنّ سلوك بعض النساء المسلمات في فرانكفورت خيّب آمالي.

المسلمون في ألمانيا

يجب أَنْ لا يفهم من هذا أَنّ الإسلام يُمارس هناك بشكل سيّء أو ناقص، لكن العلاقات والتفاعلات ما بين المسلمين (وقبل كل شيء بين النساء المسلمات) تظهر وكأنّها ممزقة للغاية.

فنظرًا إلى أَنّ المسلمين في أَلمانيا يشكّلون فقط جزءً ضئيلاً يبلغ 3,7 بالمائة من مجموع السكان (معظمهم من الأَتراك والمصريين والفلسطينيين)، بحيث أَنّ هذا الجزء ربما يشكّل في فرانكفورت فقط ما نسبته 1,5 بالمائة، فإنّ ذلك لفرصة مواتية للنساء المسلمات هناك، لكي يجمعن شملهنّ بشكل أَمتن ولكي يتبادلن تجاربهنّ وأفكارهنّ مع بعضهنّ البعض، فيما يخص عائلاتهن وكذلك تطوّر المجتمع بأَكمله.

لقد كان صعبًا إلى حد ما، أن نجد مسجدًا يمكن للنساء دخوله والصلاة فيه، وذلك لأَنّ معظم المساجد - كما قيل لي - مقصورة على الرجال. أَمّا المسجد الوحيد، الذي كان من الممكن لي زيارته فيما بعد، فقد تم وضعه للتو تحت رقابة الشرطة، وذلك بعدما وجّه له السكان تهمًا. لهذا السبب لم أَحضر صلاة الجمعة.

لكن علاوة على ذلك يبدو لي أَنّه من الضروري أَنْ أُشير إلى التعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين في أَلمانيا. ومع أَنّ المسيحية هي الدين المسيطر في أَلمانيا، والمسلمون يشكلون فقط أَقلية صغيرة نسبيًا، لكن من الممكن ممارسة الدينين بحرية وهناك احترام متبادل بين كلا الديانتين.

لكن ذلك مختلف لدينا في نيجيريا تمام الاختلاف. فالمسلمون يشكلون في نيجيريا نصف عدد السكان، والمسيحيون 40 بالمائة و10 بالمائة يعتقدون بمعتقدات أخرى (ديانات طبيعية أَو أَنّهم من أَحرار الفكر)، كما تمارس الكثير من القساوة والوحشية في حق النساء والشابات تحت غطاء الثقافة والدين.

بقلم عائشة لامي لاول
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2005

عائشة لامي لاول المشاركة في مشروع "دورات تدريب عبر الثقافات"

قنطرة

دورات تدريب عبر الثقافات
يقدم مشروع "دورات تدريبية عبر الثقافات" لمعهد العلاقات الخارجية لخريجي الجامعات الشباب والعاملين في مجال الثقافة من البلاد الإسلامية وألمانيا الفرصة للتعرف على نظام الحياة والعمل في أوروبا من خلال قضاء فترة تدريب مهنية في ألمانيا

www

www.baobabwomen.org