ردا على د. مازن مطبقاني

قيس الجاموس/صحفي سوري مقيم في دبي
14 مايو/أيار 2005

في معرض تعليق الدكتور د.مازن مطبقاني، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تحت عنوان الحجاب والإصلاح كتب "كان ينبغي الدخول في حوار مع خالد أبو الفضل ولكن نحن نريد حواراً بين العرب والألمان وليس بين العرب والعرب من خلال موقع ألماني": إني بالفعل لأستغرب هذه المقولة التي تتراقص بها المتناقضات.

الدكتور ينادي بحوار عربي ألماني وليس بحوار عربي عربي في موقع ألماني. وهنا لابد لنا، ومن باب التوضيح على الأقل، أن نلفت انتباه الدكتور ونتساءل: أليس الأجدر أن يدخل العرب في حوار مع بعضهم البعض بداية، ثم يحاوروا شعوب العالم الأخرى، لاسيما أن العرب والمسلمين لا يتفقون على أي موضوع إلى حد الآن.

ولماذا لا تٌفضل يا دكتور أن يتحاور العرب مع بعضهم من خلال موقع ألماني، لاسيما عندما يتمتع هذا الموقع بالموضوعية واحترام الرأي والرأي الآخر، في الوقت الذي تعمد فيه الكثير من المواقع العربية إلى منع نشر الأفكار والآراء التي تخالف العادات والتقاليد الدينية السائدة في المجتمعات العربية وحتى مصادرة كل فكرة يمكن أن تقنع هذا أو ذاك أو تأثر في المجتمع؟

(...)
هناك مصادرة للأفكار بشكل ليس له مثيل. كما أن الإدعاء بأن الحوار في الدين وطرح الأفكار هو حكر على فئة معينة، عار من الصحة وليس له أي قاعدة إنسانية ولا أخلاقية ولا حتى علمية.

علماء الإسلام وأئمته وشيوخه لا يتفقون على آراء دينية موحدة سواء فيما يخص الأمور الخاصة بالدين الإسلامي أو بكيفية التعامل مع الأديان الأخرى والنظرة إلى التطور الذي يشهده العالم. كما أن التكفير في المجتمعات العربية أصبح لعبة بأيدي علماء الدين.

لم تعد مسألة التكفير تطال هذا الإنسان البسيط الذي لا يصلي أو ذلك الذي لا يصوم أو تلك الفتاة غير المحجبة، بل بات التكفير يطال العلماء. أصبح علماء الدين يكفرون بعضهم البعض إلى درجة أن بعض الذين كَفروا الآخرين، كٌفروا هم أيضاً.

لا أريد أن أدخل في محاور تحتاج إلى تفصيل كثير ووقت طويل. ولكنني أود أن ألفت انتباه الدكتور، وخاصة أنه من مركز للبحوث والدراسات، أنه ليس عيباً أن تطرح أفكارك وتناقش سواء أكان الموقع ألمانياً أو عربياً وسواء أكان المحاور عربياً أو ألمانياً، وسواء أكان المحاور "عالماً" أو "صحفياً" أو "كاتباً"، ولكن من المعيب جداً أن نعيب على أي إنسان أنه طرح فكرة أو أبدى رأيا.

كما أن امتناع أصحاب الأفكار الإنسانية في الوطن العربي، ومنهم الكثير من الباحثين والعلماء، أن يعبروا عن آرائهم، إنما يأتي من باب الخوف، الخوف من التكفير أو القتل أو النبذ الاجتماعي في مجتمعات يسيطر عليها التخلف الديني والقمع السياسي والديكتاتورية الفكرية والاجتماعية.

لن أخوض في الموضوع طويلاً ولكن بما أنك أشرت يا دكتور إلى أن الحوار في موقع ألماني على الإنترنت لابد أن يكون بين عربي وألماني وليس بين عربي وعربي، فهل يمكن أن تدل هؤلاء العرب أين يمكن أن يحاورا بعض؟

هل تعتقد يا دكتور أن المقالات التي تنشر في موقع قنطرة يمكن لأي موقع سعودي السماح بنشرها؟ أو أن يتم نشرها في أي وسيلة إعلامية سعودية؟ وحتى لو افترضنا جدلاً إمكانية ذلك، أفلن يلاقي الكثيرون العقاب والتكفير؟

(...)
قنطرة موقع مفتوح للحوار وهذا شيء لابد أن يشجعه كل إنسان في العالم.