مجلة "هاي" ليست مرغوبة في مصر

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية عبر مُنتجات إعلامية جديدة إلى نشر نفوذها في العالم العربي. مجلة هاي مثلا التي تتجنب نار السياسة وتُثني على المجتمع الأمريكي. إلا أن الإهتمام بها بقي ضعيفا. مراسلة "نويه تسيورشِر تسيتونغ" في القاهرة مونيكا بِرغمان إطلعت على المجلة.

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية عبر مُنتجات إعلامية جديدة إلى نشر نفوذها في العالم العربي. فمجلة "هاي" تصطف منذ وقت قصير إلى جانب إذاعة "راديو سوا". هذه المجلة تتجنب نار السياسة وتُثني على المجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية كمجتمع متعدد الثقافات. إلا أن الإهتمام بها بقي ضعيفا. مراسلة "نويه تسيورشِر تسيتونغ" في القاهرة مونيكا بِرغمان إطلعت على المجلة.

طلبة الجامعة الأمريكية في القاهرة يُحييون بعضهم البعض ب "هآي" ممطوطة. هنا في الحرم الجامعي يلتقي ابناء وبنات النخبة المصرية، كذلك الأغنياء الجديد. طريقة الحياة الأمريكية تبدو سائدة. الشباب المصري يتكلم خليطاً عربياً انكليزياً وهو يمضغ الهمبُرغر. مجلة "هاي" التي نزلت في الصيف المنصرم إلى الأسواق، تبدو وكأنها قد فُصِّلت خصيصاً لتلك الشابات اللواتي يلبسن البلايز الضيقة ولهؤلاء الشبان الذين يتزينون بتسريحة كول (cool).

فعلى سؤال كيف تجدين مجلة هاي؟ تجيب مروى: "انا لا اقرأ الصحف العربية". مروى كمعظم الطلبة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، تلقت تعليمها منذ الصغر في مدرسة انكليزية. هذا ما لم يحسِب حسابه وكلاء إعلام الخارجية الأمريكية حين خططوا لتوسيع نفزذهم على الساحة الإعلامية العربية. اما ابناء الطبقات الفقيرة، تلامذة المدارس العربية الخالصة فلا يستطيعون شراء المجلة بسبب سعرها المرتفع. (خمسة جنيه اي ما يعادل 1,2 فرنك سويسري)

السياسة الأمريكية سبباً للمقاطعة

اللغة هي أحد الأسباب لعدم قراءة "هاي" من قبل الطلبة في الجامعة الأمريكية في القاهرة كما يشرح احمد، بينما يقلب بإحتقار صفحات المجلة المجلدة والمطبوعة بشكل أفضل من معظم المجلات العربية. "نحن نقاطع البضائع الأمريكية طالما لم تعطِ الولايات المتحدة الأمريكية الفلسطينيين حقوقهم".

في دراسة حكومية امريكية نُشرت تحت عنوان "Change of minds and gain of peace " تأكيدً كلمات أحمد بأن العالم العربي اليوم وعلى الرغم من تغرُبه، فهو مطبوع بالكراهية والسخط على السياسة الأمريكية.

أكثر مسؤولي التحرير في "هاي" أمريكيون، وعلى ما يبدو لا يعرفون شيئاً عن رغبة العرب الجامحة برؤية إسرائيل وقد وضِع لها حداً. كذلك لم يتم التطرق في أي عدد حتى الآن إلى العراقيل الجديدة التي وضِعت أمام سفر العرب إلى أمريكا. أما المواضيع المُختارة فتبقى بالنسبة للقارئ العربي الشاب بعيدة وغير واقعية.

"هاي" تُقدم الولايات المتحدة كدولة تحقيق الحلم. اما الدول العربية فلم يتم التطرق لها. الشيئ العربي الوحيد في "هاي" هم بعض مهاجرين محظوظين. ففي إحدى أعدداها هناك وصف لهؤلاء الذين حققوا شيئا في الولايات المتحدة الأمريكية. اللبناني روني مثلاً لاعب كرة سلة ناجح، اما شريف وأحمد وعبد الله فهم ممثلين هزليين واعدين في التلفزة الأمريكية.

وبرغم عرض المجتمع الأمريكي كمجتمع متعدد الثقافات، إلا ان القارئ لا يجد أية إرشادات عن تقديم طلبات الإنتساب إلى الجامعات في أمريكا او للحصول على حق الإقامة الدائمة (غرين كارت). ناهيك عن اللغة العربية المتكلفة للمجلة. فأحد الابواب مثلا يدعى "القائمة الساخنة"، ما لا يعني شيئا بالعربية. إلا أن من يعرف الإنكليزية سيتنبه إلى أن المقصود هو"Hot List ".

"هيت راديو" وتقاريره المُقرَبه من الولايات المتحدة

مجلة "هاي" هي المُنتَج الإعلامي الثاني الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية ترويجه في العالم العربي. حيث تطبع خمسين الف نسخة تباع في كافة الدول العربية. وطبعاً بالإمكان الحصول عليها ايضا على صفحة الإنترنت " www.himag.com ".

في ربيع عام 2002 وجَّهت إذاعة "صوت امريكا" على الموجة إف إم فرعها الجديد "راديو سوا" إلى كل من مصر والأردن والعراق ودول الخليج. والموسيقى هي خطة الإذاعة وبرنامجها. أحدث الأغاني العربية تنتقل بسلاسة إلى مثيلاتها للمغنية برِتني سبِرز. لا صوت المذيع ولا الإعلانات تعكر صفو المُستمعين مُحبي الديسكو.

الاخبار قبل حرب العراق بُثت بطول خمس دقائق ومُدِدَت إلى ربع ساعة بعد الهجوم، حيث اقتبِست فقط أقوال الجنرالات الأمريكان في تقارير الحرب، اما اليوم فتُقتَبَس أقوال العراقيين أعضاء مجلس الحكم الإنتقالي المُعينين من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا صدّق المرء الدراسة الأمريكية التي تصف تراجع ميل العالم العربي للولايات المتحدة الأمريكية "بالكارثة"، ولاحظ ان "هاي" و"راديو سوا" بقيا بلا تأثير رغم إنتشارهما الواسع وقوة دعمهما المالي، إذن لماذا يعتقد صانعيهما بأن عدد القُراء والمُستمعين سوف يزداد؟

"وزارة الخارجية الأمريكية اكتشفت فراغاً حقيقياً في اسواق العالم العربي" كما يقول الصحفي محمد موسى، الذي اصدر بنفسه لمدة عام مجلة عربية للشباب اسمها "عشرون". وبالرغم من ان اكثر من نصف السبعين مليون مصري هم من الشباب دون عمر الثلاثين إلا أنه لا يوجد سوى ثلاثة مجلات تُعنى بهم في بلاد النيل. وهي عموماً سطحية في اختيارها للمواضيع وعديمة الاختصاص لغة وتصميما.

الجيل الشاب لا يؤخذ على محمل الجد

تدني نوعية الدوريات هذه عائد إلى الرقابة والهرمية القائمة التي لا ترى ان للشباب شخصيتهم المستقلة. يقول محمد موسى: "في عشرين لم أوظف سوى رجالاً ونساءً تحت سن 23 سنة، معظمهم بدون خبرة كتابية. وحددنا هدفنا مع بعضنا: نكتب فقط ما يعني الشباب فعلاً".

اما المواضيع المتناولة فكما في كل العالم كله تخص المدرسة والجامعة والعمل وطبعا ًالحب والجنس. "عشرون" تناولت هذه الموضوعات بلغة الشباب العصرية البسيطة. كذلك بنبرة الصراحة اللامُعتادة والتصميم الجذاب. هذا ما يشهد له نجاح المجلة، حيث ان الذين قرؤوها بالصدفة تحولوا إلى مُشتركين مولعين. بالرغم من ذلك أُغلقت المجلة بعد اقل من عام واحد. "لم نجد من يدعمها ولم الشركات إعلاناتها على صفحاتها" كما يضيف محمد. وعادة ما تكون هذه الشركات في مصر تحت إدارة خريجي الجامعة الأمريكية في القاهرة، هؤلاء الذين بالكاد يتلمسون قيمة "عشرون" لأسباب لغوية.

مونيكا برغمان -نويه تسيورِشِر تسيتونغ 10.10.2003
عن الألمانية يوسف حجازي