المطلوب نقاش عقلاني

اُغتيلت في برلين السيدة خاتون سيريتشو التركية الأصل. وألقت الشرطة القبض على ثلاثة من أخوة الضحية الذين تحوم حولهم شبهة قتلهم لأختهم بدعوى أنها لطخت شرف العائلة. ممثلو الجمعيات الإسلامية والتركية في ألمانيا أدانوا الفعل بوضوح.

الصورة: أ ب
نساء تركيات في برلين

​​في بداية فبراير/شباط اُغتيلت في برلين خاتون سيريتشو التركية الأصل التي ترعرعت في ألمانيا. وألقت الشرطة القبض على ثلاثة من أخوة الضحية الذين تحوم حولهم شبهة قتلهم لأختهم بدعوى أنها لطخت شرف العائلة. ممثلو الجمعيات الإسلامية والتركية في ألمانيا أدانوا الفعلة بوضوح.

إذا كان شرف العائلة الملطخ هو الباعث الحقيقي على الفعل فإنه الخامس من نوعـه خلال الأشهر الأخيرة في برلين. ليس تكرار جرائم الشرف هو الذي تسبب فقط باحتدام النقاش وإنما أيضا ردود فعل تلاميذ المدارس من ذوي الأصول التركية: كرد على أسئلة معلميهم، أيدوا قتل خاتون سيريتشو، الأمر الذي أدى إلى أن يتساءل السياسيون علناً فيما إذا كان المهاجرون ذوو العقيدة الإسلامية قادرين على الاندماج.

ممثلو الجمعيات والروابط التركية في ألمانيا يدينون هذا الفعل غير أنهم يسعون إلى المحافظة على الموضوعية في الجدال: جرائم الشرف أمور لا علاقة لها بالإسلام مطلقاً.

في حديث إلى صحيفة "برلينر مورغن بوست" أدلى به محافظ برلين الاشتراكي الديمقراطي كلاوس فوفيرايت تساءل: "أين الخطأ في عملية اندماج المسلمين؟ للأسف ما زال هنا عدد كبير من المسلمين الذين يتقوقعون في عالمهم ويرفضون قيمنا الغربية".

جريمة الشرف غير موجودة في الشريعة الإسلامية

هناك علماء يُحذرون من ربط جرائم الشرف بالدين الإسلامي. بهذا الصدد كتبت عالمـة الشعوب ميشي كنشت إن هذه الأفعـال تُرد إلى ثقافة منطقـة البحر المتوسط المطبوعة بسِمات المجتمع الأبوي.

فقد عرفت إيطاليا في السابق أيضا جرائم شرف. حتى وإن انعدمت في العقود الأخيرة جرائم من هذا النوع في إيطاليا، فإن دافـع "الشرف" يستخدم هناك لاضطهاد المرأة يوميـاً. وعالِم الدين التركي حسن إلكي هو الآخر يؤكد بأن جرائم الشرف لا مكان لها في الشريعة الإسلامية.

كان لكل المجتمعات عبر التاريخ طـرق حياتها. غير أن شـيئاً مثل هـذا غير موجود لا في المجتمعات الديمقراطية الحديثة ولا في الشريعة الإسلامية. وهذا ينطبق أيضا على ما نسميه " الشريعة الإسلامية"، التي طورتها المجتمعات الإسلامية قبل القانون الحديث. ليس من حق شخص لا بإسمه ولا بإسم الآخرين – أن يستخدم العنف لفرض حق ما".

ويقول عالِم الدين- المدرّس بجامعة مرمره – اسـطنبول، إن بعض المسلمين ما زالوا يملكون وعي قبائل بدائية. لهذا السبب يدعو كل المسلمين لتحديث عقيدتهم.

شجب ممثلو التجمعات الإسلامية في ألمانيا هذه الجريمة وينوي الاتحاد التركي برلين- براندنبورغ إجراء حوار حول قِيمه واقترح لهذا "خطة من عشر نقاط" دعا فيها المواطنين الأتراك إلى عدم التسامح إزاء استخدام العنف ضد النساء.

مكافحة التمييز

إضافة لذلك يطالب بإجراء حوار تركي داخلي أو حوار إسلامي داخلي حول مسـاواة المرأة بالرجل. ويتعين على كل المنظمات التركية والإسلامية أن تقـر علناً بحق النساء في تقرير مصيرهن وتنشط في الدفاع عنه. وشجب زافتر جينار الناطق باسم الاتحاد التركي جرائم الشرف بقوله:

"طالما كانت مثل هذه التصورات موجودة في أوساط معينة فعلى جاليتنا أن تناقش الأمر بشكل نقدي. غير أن المجتمع الألماني – مجتمع الأكثرية- عليه بطبيعـة الحال أن يقوم ببعض الأشياء، من ذلك على سبيل المثال ابعاد الإحساس سياسياً عن الناس بأنهم يعانون من التمييز الأمر الذي يؤدي دائماً إلى الاعتكاف والاعتزال والى التشدد بالمحافظة على القيم والأحكام المتوارثة".

لهذا السبب تتضمن خطة النقاط العشر أيضاً مطالب إزاء السـياسيين الألمان والمؤسسات الألمانية: تعقب جزائي صارم للزواج القسري، الانفتـاح الثقـافي في مؤسسات التعليم ومقعـد تدريس لعلوم الدين الإسلامية في برلين. وقال زافتر جينار:

"المشكلة - على مرارتها- ليست عملية القتل وإنما الكيفية التي ستُناقش فيها قضية حق تقرير المرأة لمصيرها. وهنا لا بد من التأكيد على دور التعليم وكذلك السياسة أيضاً".

المطلوب نقاش عقلاني

يعتبر جينار ردود فعل السـياسيين الألمان إلى حـد ما أمراً مبالغاً فيه. لهذا السبب يشعر المهاجرون من أصول تركية في برلين بعد مقتل خاتون سيريتشو بأنهـم يُهاجمون ظلماً. وكانت الدعوات إلى تربيـة بالقِيم المسيحية كتلك التي يطلقهـا الحزب الديمقراطـي المسيحـي في العاصمـة في ظل هـذه الظروف بمثابـة حملة ضد المهاجرين. ويطالب جينار في الظرف الراهن نقاشاً عقلانياً:

"دائماً وكلما ظهرت في جالية المهاجرين قضايا معينة ينشأ بطبيعـة الحال خطر استغلال أوساط معينة لهذا بشكل فيه طابع عنصري- بإطلاق تهم ضد الجالية كلها وبإدانة كل قيمها. لهذا نعتقد أن النقاش ينبغي أن لا يكون على أساس قيم ألمانيـة أو تركية أو مسيحية أو إسلامية. وإنما هنالك قيم القانون الأساسي (الدستور)، ويجب أن نجد الطريقة للعيش سوية على هـذا الأساس".

بقلم جيم شاي
حقوق الطبع دويتشه فيلله 2005
ترجمة لمياء أحمد