"علينا أن نكافح من أجل الحضارة"

يعبر مانفرد كوك، رئيس الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا، عن موقف كنيسته من الحوار مع المسلمين في ألمانيا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول

دعوة للحوار مع الإسلام

بقلم مانفرد كوك، رئيس الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا

توجد علاقات مع مجموعات اسلامية في عدة أماكن قائمة منذ سنوات عديدة. وقد أثبتت هذه العلاقات جدواها في الوقت الذي أعقب الاهتزازات الناجمة عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. رغم ذلك فإننا ما زلنا في بداية طريق الحوار مع المسلمين. وفي كثير من الأماكن تؤدي البلبلة القائمة لدى الكثيرين في إزاء هويتهم المسيحية إلى شل القدرات المتعلقة بالاندماج. وينجم عن ذلك التقوقع في البيئة الأصلية. لكن حياتنا داخل الطائفة الانجيلية لا ينبغي أن يسودها طابع العزلة أو اللامبالاة. بل ينبغي أن نبذل جهودا أكثر بغية الوصول إلى يقين ثابت بشأن هويتنا. عندها سيسعنا اكتشاف الإثراء الذي تجنيه بلادنا من خلال وجود أديان أخرى فيها. وقد جاء في المذكرة الثقافية التي أصدرناها مؤخرا باسم الكنيسة الانجيلية في ألمانيا : "علينا أن نكافح من أجل الحضارة بدلا من نجعل صراعا يشتعل باسم الحضارة."

Kock
مانفريد كوك، الصورة ap

​​لم يصبح الحوار مع المسلمين أسهل من الماضي. فمازال الغموض سائدا إزاء تحديد الجهة المؤهلة بصورة ملزمة للتحدث باسم الاسلام وتوجهاته. نلاحظ بأن جزء من المسلمين يرغب في التحدث إلينا، فيما يعيش مسلمون آخرون في معزل تام عن المجتمع الألماني. وهناك أصوات داخل الرأي العام ترى بأن الاسلام عاجز مبدئيا عن الحوار.

فالمؤرخ هانز- اولريش فيلر Hans- Ulrich Wehler يعتبر الأتراك المسلمين في الشتات "غير قابلين مبدئيا للاندماج"(راجع المقابلة معه في جريدة Die Tageszeitung، 10-9-1992). والمستشرق هانز- بيتر راداتس Hans-Peter Radatz يحذّر من الاعتقاد بأن الاستعداد للعنف والاحساس بالكراهية ضد "الكفّار"، المقصود هنا اليهود والمسيحيون، أمران يقتصران على الأصوليين وحدهم، كما أنه يحذّر من الدخول في حوار"رسمي" مع ما يسميه "الصورة الوهمية للاسلام" (جريدة Die Welt، 11-9-2002). وآخرون يشيرون إلى أئمة مساجد ومعلمين في " مدارس قرآنية" زرعوا أحاسيس الكراهية في مواعظهم ضد عالم الغرب ويستخدمون الوهابية (التي تشكّل السلالة الحاكمة في السعودية قوتها الفعلية)، قاعدة لبرنامجهم التعليمي.

ومع أن مثل هذه الأصوات تدعو إلى الإمعان بالتفكير إلا أنها لا تساهم في حل مشاكل الاندماج القائمة لدينا في ألمانيا. يعيش في هذا البلد أكثر من ثلاثة ملايين مسلم. وهذا يعني أنه لا يوجد بديل للحوار معهم. فالحوار هو السبيل الوحيد إذا نظرنا إلى المسألة نظرة مستقبلية. ولا يصح إزاء هذا الحوار أن نرتكب خطأ تهميش الأصول الدينية المختلفة. كما أنه لا الخلط ولا الامتصاص المجتمعي يشكلان الحل المناسب. وعلينا أن نتحلى في كل لقاءاتنا مع المسلمين بالقدرة على الحوار وبالنهج النقدي في نفس الوقت. إن علينا أن نستند في حديثنا مع المسلمين على التجارب التي جمعناها من تاريخ كنيستنا وبلادنا والتي تعود بمقدار رئيسي إلى عهد الاصلاح والصراع الذي نشب نتيجة لأفكار عهد التنوير.

- هذا يتضمن تأييدنا للفصل التنظيمي بين الكنيسة والدولة وقناعتنا بكون الشراكة القائمة بينهما نموذجا ناجحا يخدم حرية الايمان ويجلب في نفس الوقت المنفعة للمجتمع.
- كما أن ذلك يتضمن كوننا ننظر إلى سلطتي الدولة والكنيسة نظرة نسبية ونرجح كفة الحرية الشخصية ومبادئ سيادة القانون في الدولة كقاعدة للتعايش الديموقراطي في مواجهة مطالب المجموعة.
- كما أن ذلك يتضمن اعترافنا بحق الدولة وحدها في استخدام القوة.
- كما أن ذلك يتضمن وجود توافق دائم بين حرية الفرد وبين استعداده لتحمل المسؤولية.
- كما أن ذلك يتضمن المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة.
- كما أن ذلك يتضمن على أن نقدم انطلاقا من قناعتنا المسيحية الدعم للمتضرّرين وللبنى الاجتماعية العادلة ونعمل في سبيل دعم السلام والحفاظ على الخلق.

ينبغي في إطار هذا الحوار تقوية قوى الاسلام المساندة للتسامح والتعايش والسلم والعدالة والهادفة إلى تجاوز الأحكام المسبقة.

ترجمة عارف حجاج

عن التقرير الذي قدمه مانفرد كوك إلى ممثلي الكنيسة الإنجيلية الألمانية في اجتماعهم السنوي في تشرين الأول/أكتوبر 2002