القمة الإسرائيلية الفلسطينية في شرم الشيخ

فتحت قمة شرم الشيخ، التي جمعت بين الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نافذة أمل في الشرق الأوسط. فهل يشكل الاتفاق الأمني الذي تمخضت عنه القمة خطوة تعيد الطرفين إلى مائدة المحادثات الجدية؟ تعليق بيتر فيليب

آرييل شارون ومحمود عباس، الصورة: أ ب
آرييل شارون ومحمود عباس

​​فتحت قمة شرم الشيخ، التي جمعت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، نافذة أمل في الشرق الأوسط. فهل يشكل الاتفاق الأمني الذي تمخضت عنه القمة خطوة تعيد الطرفين إلى مائدة المحادثات الجدية؟ تعليق بيتر فيليب

يحتاج الشرق الأوسط إلى السلام والهدوء؛ وما تم الوعد به في شرم الشيخ لا يمكن اعتباره سلاما، وربما لا يمكن اعتباره أيضا هدوءا. بيد أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه وتعهد به الإسرائيليون والفلسطينيون أفضل من لا شئ. وبالطبع فإن الشرط لذلك هو، وسيظل، وفاء الجانبين بتعهداتهما، وتطبيقها هذه المرة.

إن ما يبدو بسيطا، أصبح ممكنا من خلال وفاة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية السابق، ياسر عرفات؛ ليس لأن عرفات كان العقبة الوحيدة أمام عملية السلام، كما يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، آرييل شارون، بتأييد في ذلك من البيت الأبيض، وإنما لأن بوفاة عرفات حدثت بعض التقدمات التي لم تكن لتحدث فيما عدا ذلك؛ فبالدرجة الأولى الانتخابات الحرة في المناطق الفلسطينية، وانتخاب شخصية عارضت العنف بصراحة، وأثرت في تخفيف حدة المتشددين في صفوف الفلسطينيين. وبذلك اضطر عباس شارون إلى تنازلات؛ إذ لم يكن في استطاعة رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يقاطع خلف عرفات أيضا.

وما له فائدته بالتأكيد أيضا أن الرئيس الأمريكي بوش اغتنم الفرصة وشجع الفلسطينيين ووعدهم بالمساعدات المالية، وتحدث عن إقامة الدولة الفلسطينية. بالطبع لم تنظم واشنطن قمة شرم الشيخ، وإنما نظمها المصريون الذين يعودون بذلك إلى الساحة السياسية في المنطقة، كما يعتزم المصريون والأردنيون المساعدة، وتكاد إسرائيل لا يمكنها رفض ذلك.

والآن يجب العمل على إكمال بداية شرم الشيخ من خلال عمليات في المنطقة. وهنا يمكن أن تقع أخطاء كثيرة. إذ يجب على إسرائيل سحب قواتها من المناطق الفلسطينية، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، دون أن يستغرق ذلك وقتا طويلا. كما يجب على الفلسطينيين بدورهم توفير وحفظ الهدوء والنظام، والحيلولة دون وقوع هجمات واعتداءات جديدة، والاستعداد للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل. إن كل ذلك يمثل فرصا كافية لإثارة استياء العناصر المتشددة الذين يمكنهم القضاء عليها بعنف جديد.

إن الالتزام بالتعهدات مخاطرة، ولكنه مجد؛ إذ وضح للجميع بالفعل أنه لا بديل لعملية السلام، ففي الشرق الأوسط لن يكون هناك رابح وخاسر، بل إن الربح والخسارة سيمسان كلا من الجانبين. وهذا الإدراك، إضافة إلى التأييد المساعد من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا، سيؤدي إلى بداية جديدة. ولا ينبغي النظر بكثير من الشك إلى أن هذه البداية الجديدة مرتبطة بقضية يظن الجانبان أنهما خلفاها وراءهما؛ فقد تركت انتفاضة أربع سنوات، وكذلك الرد الإسرائيلي العنيف عليها آثارا عميقة.

بيتر فيليب

ترجمة: محمد الحشــاش

© إذاعة الدويتشه فيلّه