الجنرال مشرف والزلزال

وقع قرابة مائة ألف شخص ضحية الزلزال في باكستان، وقد اتضح أن الرئيس الباكستاني وقائد القوات المسلحة مشرّف لا يعي احتياجات شعبه. فقد قامت مجموعات غير حكومية بتأمين المساعدات على نحو أسرع بكثير من الجيش. تقرير أكبر زايدي

الجنرال برفيز مشرف، الصورة: أ ب

​​وقع قرابة مائة ألف شخص ضحية الزلزال في باكستان، وقد اتضح خلال الأشهر الماضية أن الرئيس الباكستاني وقائد القوات المسلحة مشرّف لا يعي احتياجات ومتطلبات شعبه. فقد قامت مجموعات غير حكومية بتأمين المساعدات للمناطق المنكوبة على نحو أسرع بكثير من الجيش. تقرير أكبر زايدي

مازالت باكستان دولة يسيطر عليها العسكريون حتى لو تبين لنا أحيانا غير ذلك. الجنرال برفيز مشرف هو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس جمهورية باكستان في نفس الوقت. وعلى الرغم من وجود برلمان منتخب وحكومة شبه مدنية إلا أن السلطة الفعلية تقع في قبضة الرئيس والمؤسسات العسكرية التي تدعمه.

ينبغي علينا أن نراعي هذه الخلفية في معرض رؤيتنا لردود الفعل التي أفرزها الزلزال الواقع في باكستان والذي كبد حياة قرابة 100000 شخص.

توقعات خاطئة

اتضح ضعف الدولة الباكستانية بعد فترة وجيزة من وقوع هذا الزلزال. الجيش يشكل في هذا البلد أكبر مؤسسة وأفضلها من حيث التنظيم وأكثر أجهزة الحكومة أهمية. لهذا السبب فقد توقع الناس في المناطق التي دمرت قيام الجيش بتقديم المساعدات اللازمة على الفور.

وكما هو الحال في العديد من غيرها من الدول فإن الجيش في باكستان أيضا المؤسسة الوحيدة التي تملك المصادر الضرورية الكفيلة بالتدخل في المناطق المنكوبة بما في ذلك المراوح الهوائية وعربات الإسعاف وعربات الجيب وكذلك الأفراد المهيئين لتلك الأعمال.

أما في واقع الأمر فقد قامت مجموعات غير حكومية بتقديم مساعدات فورية في المناطق الوعرة التي تواجد فيها عدد كبير جدا من الضحايا. بالنسبة للجيش فقد حالت هياكله الهرمية المتعلقة بتقديم الأوامر من إنجاز مثل هذه المساعدات.

لهذا السبب كان في مقدمة الجهات المانحة للمساعدات في المناطق المعنية عدد كبير من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية وبصورة خاصة منظمات العون الإسلامية (بما في ذلك ما تسمى مجموعات الجهاد). ولولا هذه المساعدة لكان عدد القتلى قد ارتفع أكثر كثيرا ولبلغت معاناة السكان درجة أكبر من ذلك بكثير.

فشل برفيز مشرف

سجّل زوار المناطق المعنية لدى السكان مقدار كبيرا من الخيبة بل حتى عداء مستحكما حيال القوات المسلحة. وبحكم الاقتصاد السياسي السائد ونظرا لتاريخ باكستان ما فتئ السكان يتكلون على منشآت الدولة.

فهم يتوقعون في حالات الطوارىء الحصول على العون من الحكومة والجيش وربما جاء ذلك على نحو أكبر من الحال بالنسبة للسكان في دول أخرى. وإذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أخفق أثناء وقوع نكبة أعاصير "كاترينا" في تقديم العون اللازم لمنطقة نيو أورلينز قبل وقوع الزلزال في باكستان بأسابيع قليلة، فإن ذلك لا يشفع لأجهزة الدولة في باكستان بناء على رؤية السكان هناك.

لقد كشف الزلزال النقاب عن فشل العمود الفقري للنظام الذي ابتدعه مشرف وطال مدحه وأعطيت له تسمية "نظام المحليات الخاص بالإدارة الذاتية" فقد تبين بأن هذا النظام حافل بالثغرات ومفتقد للصبغة السياسية وخال من الفاعلية، وجاء ذلك تأكيدا على رؤية الكثيرين من الأشخاص حول ذلك في مرحلة سابقة.

فقد تعرض هذا النظام وما معه من الأجهزة المنتخبة إلى نفس حالة التدمير التي حلت بكامل البنية التحتية للمناطق التي وقعت ضحية للزلزال.

مساعدات دولية

كذلك انتقدت بعض المجموعات السياسية والمجتمع المدني نفسه سلطات الدولة لكونها لم تتعامل بالشكل السليم في إطار الميزانية العامة للدولة مع النتائج التي خلفها الزلزال. لقد التمس كلا الجيش والحكومة من الأطراف الدولية بإلحاح منح باكستان المساعدة الضرورية لإعادة إعمار المناطق المنكوبة.

لكن ذلك رافقه رفض رئيس الدولة القائد العام للقوات المسلحة خفض ميزانية الدفاع رفضا باتا. بل حتى أن الجيش قام بعد وقوع الزلزال بأسبوع واحد فقط بالتوقيع على معاهدة شراء ست طائرات سويدية للإنذار المبكر بقيمة مليار دولار.

الأدهى من ذلك قيام الجيش حاليا ببناء مركز ضخم ليصبح مقرا جديدا للقيادة العامة للقوات المسلحة في إسلام أباد. هذا وقد قيّم معظم المعقبين السياسيين المقر الجديد على أنه تبذير يكبد البلاد عبئا ماليا كبيرا.

هذا وإن أجل مشرف شراء طائرات إف 16 من الولايات المتحدة بقيمة ثلاثة مليارات بسبب وقوع الزلزال إلى أجل آخر. على الرغم من ذلك فإن ما أنجزته الدولة ضئيل للغاية بالنظر إلى فداحة النكبة التي حلت بالبلاد.

لقد أظهرت ردود فعل الدولة على الزلزال المروع بأن الجيش يحكم مجتمعا أصبحت مشاعر الابتعاد تساوره حياله، كما أن الجيش فشل في التجاوب في حالة الأزمات مع المتطلبات المحلية.

ولا شك أن تمسك الجيش بمفهومه الخاص ب "الأمن" على نحو غير طبيعي مسرف كفيل بتقويض أعمدة الأمن البشري الحقيقي في باكستان. هذا ولم يسمح الجيش بنقل المساعدات من الهند عبر خطوط المراقبة في كشمير إلا بعد أربعة أسابيع من وقوع الزلزال.

لكنه ينبغي علينا أن نعتبر هذا القرار وإن طالت مدة انتظاره مؤشرا ولو متأخرا على الاستعداد للتعاون لما فيه خدمة مصالح الناس.

بقلم أكبر زايدي
ترجمة عارف حجاج
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006
صدر المقال في مجلة "التنمية والتعاون" الألمانية

س.أكبر زايدي عالم اجتماع من كراتشي/باكستان.

قنطرة

إسلام الجيل الجديد
كستانيات متعلمات ومتحررات يرتدين الخمار أو البرقع بمحض إرادتهن. ويعود ذلك للداعية فرحت هاشمي التي تمكنت بأساليب حديثة من إقناع المئات من النساء بتأويلاتها للتعاليم الإسلامية .