"صوت قد يحسم لحظة التغيير"

شكل شعار "حان وقت التغيير" حالة استقطاب كبيرة بين مسلمي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يسود توجه كبير لديهم للتصويت لباراك أوباما، أملا منهم بحكم "جذوره الإسلامية" أن يضع حدا لأشكال التمييز التي طاردتهم في إطار "الحرب على الإرهاب". منير عزاوي من واشنطن يسلط الضوء على حضور المسلمين الأمريكيين في حملات السباق نحو البيت الأبيض.

جانب من مؤتمر إسنا، الصورة: أ.ب
المسلمون يبدون تأييدا قويا لأوباما في وصفه أمل التغيير

​​"حان وقت التغيير"، كان هذا شعار المؤتمر السنوي لهذا العام الذي عقدته الجمعية الإسلامية في شمال أمريكا (إسنا) بمدينة كولومبوس الواقعة بولاية أوهايو في رمضان وذلك في إشارة منها إلى فترة التجديد الروحي. إلا أنه بالنظر إلى المعركة الانتخابية للرئاسة في الولايات المتحدة فإن اختيار هذا الشعار لم يكن من قبيل المصادفة، فهو أحد شعارات الديمقراطيين في الحملة الانتخابية.

كانت الحملة الانتخابية – التي وصلت إلى ذروتها بعد تعيين باراك أوباما وجون ماكين كمرشحين للرئاسة في أعقاب المؤتمرين القوميين لكل من حزبيهما – هي الموضوع الرئيسي لأكبر مؤتمر للمسلمين في الولايات المتحدة الذي اشترك فيه ما يزيد على ثلاثين ألف شخص. ووسط تصفيق حار دعا حمزة يوسف، الخطيب المعروف ذو التأثير القوي خاصة في أوساط الشباب، المسلمين إلى انتخاب المرشح الديمقراطي باراك أوباما. وقد أبدى يوسف، الذي اعتنق الإسلام وهو ابن السابعة عشر، إعجابه من سيرة أوباما الذاتية وقارن بين كفاح المجتمع المسلم وكفاح المجتمع الأفروامريكي من أجل الاعتراف السياسي.

"المسلمون يؤيدون أوباما"

كان إعلان أوباما نيّته لسحب القوات الأمريكية من العراق سببا كافيا للتصويت له، بحسب حمزة يوسف، حيث يرى أن "العراق هي فيتنام العربية".وعلى الرغم من أن ممثلي مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) ومجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC) – وهما أهم الهيئات السياسية الدولية التي تمثل المسلمين – كانت لديهم تحفظات على ذكر أحد الأسماء بالنظر إلى وضعهم كمنظمات لها إعفاءات ضريبية، إلا أن الرسالة كانت واضحة، ألا وهي "المسلمون يؤيدون أوباما".

أحد المساجد في ميشيغان، الصورة: د.ب.ا
"إن فوز أوباما سوف يكون إشارة لنهاية سياسة التخويف وتضاؤل التعبيرات المعادية للإسلام"

​​وفي الشهور الماضية قامت كلتا المنظمتين وإدارات المساجد بتعبئة الناخبين المسلمين للمشاركة في الحوارات السياسية والانتخابات. وحسب استطلاع رأي قام به مجلس العلاقات الأمريكية الاسلامية (كير) يعتبر التعليم والحقوق المدنية وعلاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي هي المواضيع التي تهم المسلمين لحسم الانتخابات.

قبيل بدء مؤتمر الجمعية الإسلامية بشمال أمريكا (إسنا) كان المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي بمدينة دنفر قد انتهى. هذا المؤتمر تم افتتاحه باحتفال ديني جمع مختلف الأديان بمشاركة السيدة/ إنغريد ماتسون Ingrid Mattson، المسلمة من أصل كندي ورئيسة إسنا، وقالت في كلمتها: "أرحب بالاعتراف الذي يحظى به المسلمون في أمريكا".

النقد أولا ثم المدح

هذا العام كان بين المندوبين، الذين زاد عددهم على أربعة آلاف، 47 مسلما أيدوا ترشيح باراك أوباما من الناحية الشكلية. وقد قام هؤلاء النشطاء وأعضاء البرلمان المسلمين لأول مرة بتكوين شبكة للديمقراطيين المسلمين حتى يكون لهم حضور قوي في المؤتمر القومي للحزب ويتسع نفوذهم داخل الحزب.

وكان من بين الشخصيات الرئيسية النائبين الأفروامريكيين كيث إليسون Keith Ellison وأندريه كارسن André Carson، اللذان دخلا الكونجرس لأول مرة. وقبل بضعة أسابيع قام إليسون بتوجيه نقد إلى أوباما بعد إبعاد مسلمتين محجبتين من إحدى ندوات الحملة الانتخابية تخوفا من ظهور صورتهما في التلفاز، الشيء الذي قد يعطي انطباعا سلبيا على المشاهدين.

بعد نقد إليسون وبعض المنظمات الإسلامية اعتذر أوباما شخصيا عبر التليفون للمرأتين، وأكد أن هذا الفعل لم يكن مقصودا. أما كيث إليسون فيرى أن الموضوع بالنسبة له انتهى، وعلق على ذلك بقوله: "وجهتُ النقد إليه، والآن أمدحه. هذه الواقعة دليل على أن المسلمين حتى الآن لم يحظوا بعدُ بالاعتبار بالقدر الكافي".

كثير من المسلمين يعتبرون أوباما مسلما

يرى مقتدر خان من معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، المعني بالفكر الإسلامي ومقره ميشيغان، أن فوز أوباما قد يجلب تغيّرات للمسلمين في الولايات المتحدة، وقال: "إن فوزه سوف يكون إشارة لنهاية سياسة التخويف وتضاؤل التعبيرات المعادية للإسلام والتمييز العنصري في المطارات والأماكن الأخرى".

أوباما
ينظر إلى أوباما على أنه مرشح التغيير عند الكثيرين من الأمريكيين

​​إن خان يتفهم عدم ظهور أوباما حتى الآن بين المسلمين، وقد قام من وقت قصير بالتحذير في احدى المقالات الاستراتيجية المنشورة من المغالاة في الكلام حول هذا الموضوع. إن باراك حسين أوباما، المولود لأب كينيّ مسلم وأم تزوجت فيما بعدُ اندونيسيا مسلما، يقاوم منذ شهور كمسيحي العقيدة الإشاعات التي تقول بأنه مسلم. وحسب الاستطلاع الذي قام به مركز بيو Pewللأبحاث في مارس / آذار الماضي يرى حوالي 10% من الأمريكان أن أوباما مسلم. أما مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين فلم يتفاد قط أي صلة مع المسلمين في الأشهر الماضية، بل دأب على استفزاز المنظمات الإسلامية بوصف المسلمين بالمتطرفين والإرهابيين.

الإعراض عن الجمهوريين والتوجه إلى الديمقراطيين

إذن كان لا يزال بين مسلمي الولايات المتحدة - البالغ عددهم حوالي ستة ملايين - عدد كبير على صلة وثيقة بالجمهوريين بسبب قيَمهم المحافظة قبل الحادي عشر من سبتمبر / أيلول، فإن هذا العدد تغير في السنوات الأخيرة بشكل واضح لصالح الديمقراطيين.

عندما أجرى معهد الزغبي لقياس الرأي العام استفتاء في نوفمبر / تشرين الثاني 2001 كشف عن أن 40% من المسلمين يشجعون الديمقراطيين و23% منهم يشجعون الجمهوريين. أما الاستفتاء الذي قام به مركز بيو Pewللأبحاث عام 2007 فقد أظهر أن 63% من المسلمين يفضلون الديمقراطيين وفقط 11% منهم يفضلون الجمهوريين، والبقية لم تستقر بعدُ على رأي.

حتى وإن كان عدد الناخبين المسلمين في الولايات المتحدة يُنظر إليه على أنه ضئيل للغاية، إلا أن أصواتهم تلعب دورا مهما في "الولايات المرجّحة لكفّة الانتخابات" المهمة مثل فلوريدا وأوهايو. فهناك لا يتمتع الديمقراطيون ولا الجمهوريون بأغلبية أكيدة، كما أن بها تكتل كبير من الناخبين المسلمين.

منير عزاوي
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
قنطرة 2008

منير عزاوي يعمل حاليا باحثا مساعدا في مركز بيركيلي للأديان والسلام والشؤون العالمية بجامعة جورج تاون في واشنطن.قنطرة

الإسلام وأمريكا:
المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية
عانى المسلمون في أمريكا بشكل خاص من التفرقة وسوء المعاملة بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول. لاله كونوك زارت مدينة ديربون، أكبر تجمع للعرب في الولايات المتحدة.

محمد شحرور:
لا أمل في إصلاح سياسي دون إصلاح ديني!
فرض المفكر الإسلامي السوري الدكتور محمد شحرور نفسه على الساحة الثقافية الإسلامية بقوة منذ صدور كتابه الموسوعي "الكتاب والقرآن ـ قراءة عصرية" الذي طرح فيه نظرة جديدة للإسلام من خلال المنهج اللغوي كما دعا فيه إلى فقه جديد في قضية المرأة المسلمة. وقد تعرض شحرور في الآونة الأخيرة إلى حملة إعلامية شديدة وصلت إلى حد المطالبة بمحاكمته بسبب ما اعتبر انتقاص من شأن الرسول ومن أحكام إسلامية وردت في القرآن والسنة. في الحوار التالي يطالب شحرور بإصلاح ديني جذري في العالم العربي.

رحلات الكاتب سيز نوتيبوم في العالم الإسلامي:
الأصولية الإسلامية حطمت الصورة الرومانسية للشرق
سيز نوتيبوم مواطن عالمي وأحد أكثر المؤلفين الأوروبيين شهرةً.. وفي كتابه عن الرحلات في دول إسلامية مختلفة يكشف عن كونه من المولعين بالجماليات ومن ذوي النظرة الإنتقائية. قراءة نقدية لإليا براون.