"العراقيون بعثوا إشارة واضحة إلى الإرهابيين وأعداء المصالحة الوطنية"

يرى راينر زوليش، مدير البرنامج العربي في دويتشه فيله، في هذا التعليق أن مشاركة العراقيين بكثافة في الانتخابات البرلمانية رغم الهجمات الصاروخية والسيارات المفخخة تشكل رسالة أمل واضحة في أفق مستقبل أفضل، إلا أن التحديات التي تنتظر البلاد ما تزال كبيرة ومتنوعة.

عراقية تدلي بصوتها، الصورة: ا.ب
تساؤلات حول مستقبل العراق بعد الانتخابات ومدى تقبل الأطياف السياسية لنتائجها

​​تتمثَّل الرسالة الأهم لهذه الانتخابات في رفض العراقيين زرع الرعب في قلوبهم، فعلى الرغم من الهجمات الصاروخية والسيارات المفخخة التي أودت بحياة العشرات من القتلى، أقبل عدد كبير من المواطنين على مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم مثبتين بذلك شجاعة كبيرة. وهكذا بعث الناخبون العراقيون إشارة واضحة إلى الإرهابيين وأعداء المصالحة الوطنية. وفيما يقتضي هذا الأمر تقديرا كبيرا، فإنه يظهر بصورة جلية أن غالبية العراقيين يتطلعون إلى الأمن والاستقرار ويرغبون في تحقيق تقدم، ويدعمون أساسا مبدأ التنافس الديمقراطي.

ومع ذلك فمن السابق لأوانه الحديث عن تحقيق نجاح كامل في هذا الاختبار، خاصة وأن التحديات الفعلية لا تزال تنتظر البلاد. كما أن الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات قد يستغرق أسبوعا وربما أكثر. ومن غير الواضح بعد إن كانت النتيجة ستلقى قبولا لدى جميع الأطياف السياسية. وبسبب تعدد المصالح قد تسير مفاوضات تشكيل تحالف حكومي بين ائتلافات الأحزاب التي تضم الشيعة والسنَّة والأكراد ببطء شديد، وفي أسوء الاحتمالات قد يؤدي ذلك إلى اندلاع موجات عنف جديدة.

تحديات كبيرة

الصورة: ا.ب
"أحد التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة إتاحة الفرصة للسنة، الذين يشكِّلون ثاني أكبر الكتل سكانية، المشاركة بشكل أكبر في السلطة"

​​

فبعد سبع سنوات على خلع نظام صدَّام حسين وبضعة أعوام من عنف وحشي، لا تزال العديد من مشاكل الأساسية دون حلّ، مثل تقاسم عائدات النفط بين المجموعات المختلفة، وتحديد وضعية مدينة كركوك الغنية بالنفط. وبالرغم من وجود لوائح مشتركة وخطاب تصالحي لعدد من المرشحين في هذه الانتخابات، فإن ذلك لا يمكن أن يخفي عمق الهوة العميقة التي تفصل مختلف مكونات الشعب العراقي. ولم تتح للعراق قط فرصة تطوير وإنضاج ثقافة ديمقراطية، بل دُفع فجأة عام 2003 واحدة إلى وضعية سياسية مغايرة تماما.

وبغض النظر عمَّن سيقود الحكومة القادمة، فسيكون عليه معالجة معضلات كبيرة. وأحد التحديات سيكون إتاحة الفرصة للسنة، الذين يشكِّلون ثاني أكبر الكتل سكانية، للمشاركة بشكل أكبر في السلطة. فخلال حكم صدام تمتَّع السنَّة بامتيازات كبيرة وينظرون إلى أنفسهم كالطرف الخاسر في العهد الجديد، وهو ما يصبُّ في طاحونة المجموعات الإرهابية.
من جهة أخرى، من الضروري العمل على تأمين حماية أفضل للأقليات مثل المسيحيين واليزيديين المهدّدين بالعنف والطرد. ولا بد كذلك من تحقيق توافق بين المصالح المتضاربة لمختلف الجهات ومراكز القوة والنفوذ. كما أن العراقيين ينتظرون تحسنا ملموسا في حياتهم اليومية، بدءا بمستوى معيشتهم، مرورا بتأمين الماء والكهرباء، ووصولا إلى الموضوع الأهم، أي الأمن.

إن الوقت يضغط، فبعد خمسة أشهر سيغادر نصف القوات الأميركية، البالغ عددها 100 ألف جندي العراق، والنصف الثاني في نهاية 2011. وستجد الحكومة المقبلة نفسها في نهاية هذه المرحلة مسؤولة وحدها عن أمن البلاد، وبالتالي فإن حجم الضغوط الدافعة حاليا في اتجاه إرساء علاقات واضحة كبير جدا، إلا أنه يتضمن في الوقت ذاته مجموعة من المخاطر، فكل كتلة كبيرة لا تشعر بأنها ممثلة بشكل كاف في مراكز السلطة، ستكون عامل توتر وبالتالي مخاطرة أمنية بالنسبة لمستقبل البلاد .

راينر زوليش
ترجمة: اسكندر الديك
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

الانتخابات البرلمانية العراقية 2010:
انتخابات البرامج أم الشخصيات الكاريزماتية؟
مع قرب الانتخابات العراقية تشهد البلاد تحالفات سياسية جديدة تضع التجربة الديمقراطية على المحك، حيث يتزامن ذلك مع تساؤلات حول دور البرامج والشعارات والاستقطاب الطائفي والإثني والقومي في حسم نتائج هذه الانتخابات في بلد يتميز بتعدد قومياته ومذاهبه وأديانه. ناجح العبيدي يسلط الضوء على المشهد الانتخابي في بلاد الرافدين.

حوار مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي:
"العراق ليس ساحة لتنافس الآخرين"
في إطار زيارته مؤخراً إلى ألمانيا تحدث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى دويتشه فيله عن فرص تطور بلاده ومهام حكومته، إضافة إلى علاقات العراق بدول الجوار وآخر تطورات الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين بغداد وواشنطن. محمد إبراهيم التقى السياسي العراقي وأجرى هذا الحوار.

الخارطة الحزبية في العراق الجديد
دولة دينية أم دولة القانون العلمانية؟
قبل إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق أخذت الخارطة الحزبية تغير معالمها بشكل كبير. فبينما سادت الائتلافات الطائفية والعرقية والدينية في انتخابات 2005 السابقة، تجتاح العراق اليوم موجة من الوطنية والعلمانية في ظل التفجيرات الدموية. بيرجيت سفينسون تسلط الضوء من بغداد على هذه التغيرات.