أعباء على الإقتصاد والبنية التحتية

يُثقل تدفق اللاجئين العراقيين على سورية قطاعي التربية والصحة ويدفع بأسعار البيوت إلى الأعلى ويخشى البعض أن تؤدي الحرب الأهلية الدائرة في العراق إلى توترات بين اللاجئين العراقيين في سورية. بقلم فيكتور كوخر

يعبر بعض المراقبين والموظفين الحكوميين في العاصمة السورية عن قلقهم المتزايد تجاه تدفق اللاجئين العراقيين المستمر. وتجدر الإشارة إلى أن الدوائر الرسمية لا تستطيع إحصاء عدد العراقيين المتواجدين في سورية منذ بداية الحرب في عام 2003 حيث كان بإمكان العراقيين دخول سورية والإندماج بشعبها بدون أية عوائق منذ بداية الحرب ولا توجد مخيمات خاصة لاستقبالهم باستثناء عدد قليل على الحدود.

وتقدر المنظمات الإنسانية عدد العراقيين بحوالي ثمانمائة ألف نسمة، بينما تقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة UNCHR عددهم بحوالي 1.2 مليون نسمة. وحسب التقديرات يلجأ إلى سورية يوميا ما يتراوح بين ألف وألفي عراقي باحثين فيها عن ملاذ آمن. أعلن عبد الله دردري، نائب رئيس الوزراء السوري في فبراير/شباط أن عدد سكان سوريا البالغ ثماني عشر مليون نسمة قد ارتفع بمعدل 7% خلال سنة واحدة نتيجة تدفق اللاجئين العراقيين.

المدارس والمشافي

وما يزيد من صعوبة الوضع أن غالبية العراقيين يستقرون في دمشق وضواحيها ويحضرون أنفسهم لإقامة طويلة بسبب الحرب الأهلية المستعرة في بلادهم. وقد أشار الوزير دردري بصفته خبير تخطيط إلى تزايد العبء على البنية التحتية في سورية من جراء ارتفاع عدد السكان وقال إنه يحتاج ما لا يقل عن مليار دولار لتغطية نفقات النتائج الأولية لسيل اللاجيئين.

وذكر على سبيل المثال أن "ما يقرب من خمسة وعشرين ألف طفل عراقي يدرسون بالمدارس السورية الإبتدائية المجانية". وهذا يتطلب بناء العشرات من المدارس الجديدة. وقد رأى ممثلون عن منظمات الإغاثة صفوفاً دراسية تضم أكثر من ستين تلميذاً في الصف الواحد وذلك على وجبتين في اليوم.

كما أن أبواب المشافي السورية مفتوحة في وجه جميع العراقيين مجاناً، إلا أن هناك مشكلة طول الإنتظار والطلب المتزايد على العلاجات الخاصة. وصعوبة توفير أدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، كما أن مكافحة أمراض مثل السرطان قد أصبح صعبا.

تتلقى سورية نتيجة العقوبات الأميركية المفروضة عليها قليلا من المساعدات الدولية فقط. ولا يثق نظام الأسد في سورية جداً بجميع المنظمات الشعبية وفروع منظمات الإغاثة. تحاول المنظمات الخيرية الإسلامية والمسيحية وحدها وجميعة الهلال الأحمر السوري والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ولجنة الصليب الأحمر تجاوز هذه المشكلة.

ارتفاع الأسعار

ويشكو المواطنون والدوائر الحكومية في دمشق من ارتفاع الأسعار الشديد للبيوت والعقارات. وبما أن جميع اللاجئين العراقيين تقريباً يريدون فقط تأجير بيت متواضع يسكنون فيه، فقد ارتفعت الأسعار خلال السنة الماضية بنسبة خمسين إلى مائة بالمائة أو حتى أكثر من هذا. وثمة أزمة مساكن خصوصاً في المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق مثل السيدة زينب وجرمانة والبرزة، حيث يتجمع العراقيون. علاوة على ذلك يُتوقع ازدياد معدل التضخم بسبب الاستهلاك الإضافي من قبل العراقيين.

وبما أن معظم العراقيين ليس من الأغنياء ومضطر للعمل لكسب قوته فهو يقبل أي عمل حتى بأجور متدنية مما أدى إلى ازدياد البطالة التي تتراوح نسبتها في الظروف العادية بين عشرة وعشرين بالمائة.

استقرار على شفير الهاوية؟

بالرغم من أن الجالية العراقية في دمشق تسلك سوكا مسالما حتى الآن، إلا أن الخبراء يحذرون من مخاطر سياسية محدقة، فبعض المجموعات العراقية المهمشة قد جلبت معها الدعارة وتجارة المخدرات والعصابات الإجرامية إلى سورية البعيدة عن هذه الأعمال.

يثير هذا شعوراً بالكره تجاه الغرباء. وجدير بالذكر أن ثلاثة أرباع اللاجئين ينتمون إلى المذهب الشيعي، بينما تنتمي غالبية المجتمع السوري إلى المذهب السني، وهذا يعتبر بمثابة أرض خصبة لتفشي صراع المذاهب المحتدم في البلد المجاور.

يفوق هذا الوضع قدرات قوات الأمن السورية حيث أنها لا تتمكن من السيطرة على الجالية العراقية المتشظية بطرقها المعتادة. ولا يمكنها التغلغل بما يكفي بين السكان الذين ما برح عددهم يتزايد.

صحيح أن براثن الحرب الأهلية في العراق لم تمتد بعد إلى هنا، ولكن سيكون تجنبها صعبا إذا ما ذهب أبناء المهاجرين للمشاركة في القتال في بلاد الرافدين وعادوا إلى سورية، مما قد يؤدي الى مشاحنات بين الجيران من مجموعات عراقية مختلفة من الجناة والضحايا في إطلاق الرصاص والمجازر.

هذا ولا يعلم أحد عن نشاطات المحاربين السريين ومحاربي القاعدة الذين يستعملون سورية كبلد عبور لحرب العصابات التي يقومون بها- كما تتهم أميركا سورية مرة بعد أخرى. وإذا ما اختارت القاعدة سورية كمسرح للقتال بعد تلقيها ضربات موجعة في العراق، فسينهار حينها الإستقرار الذي تعيشه سورية منذ زمن.

مساعدات المفوضية العليا للاجئين لسورية

تم إبرام أربع اتفاقيات في جنيف عام 2007 بين المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة ومكاتب حكومية سورية والهلال الأحمر السوري لزيادة قدرتهم على تقديم المساعدة للاجئين العراقيين.

سيتم في إطار هذا الإتفاق توسيع المستشفيات وتأهيل عاملين في القطاع الصحي وتجهيز العيادات الطبية وتوفير سيارات إسعاف وترميم المدارس وبناؤها وتمويل الكتب المدرسية للأطفال العراقيين. سيُنفق على ذلك 9.6 مليون دولاراً، وكما أعلنت المفوضية في الأول من مايو/أيار فقد تم تسجيل 77683 لاجئا عراقيا في سورية رسمياً. أما الدوائر الرسمية السورية فتقدر عدد اللاجئين الذين جاءوا إليها من العراقيين خلال السنوات الثلاث الأخيرة بحوالي 1.4 مليون نسمة.

بقلم فيكتور كوخر
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2007
صدر المقال في صحيفة نيوه تسورشر تسايتونغ

فيكتور كوخر مراسل صحيفة نيوه تسورشر تسايتونغ للشرق الأوسط

قنطرة

السنة والشيعة في العراق
يقدم الصحفي العراقي أحمد السعداوي سيناريو لمستقبل العلاقة بين السنة والشيعة في العراق في ضوء جو المواجهة السائد في البلاد وهيمنة الأحزاب والتيارات الدينية والجماعات المسلحة ذات التوجه الطائفي

الحدود المغلقة
يواجه اللاجئون الذين يحاولون الوصول الى بلدان الاتحاد الأوروبي أوضاعا كارثية، حيث يتعرض الكثيرون منهم الى مختلف المخاطر في البحر او في البلدان التي يمرون بها. أما الاتحاد الأوروبي فيحاول رمي المشكلة الى خارج حدود أوروبا.

العمل لأبناء البلد أولا
يقيم مئات الآلاف من الأفارقة بشكل غير شرعي في ليبيا، وتعتبر العلاقة بينهم وبين الليبيين متناقضة، فالليبيون يعتبرونهم المسؤولين عن الإجرام ومرض الإيدز من ناحية، ومن ناحية أخرى يُفضلونهم كأيدي عاملة في كثير من الحرف.