تطوّر نوعي في عمليات الإرهاب الدولي؟

أدَّت سلسلة الهجمات التي تعرَّضت لها مدينة مومباي الهندية إلى شلِّ الحياة العامة في هذه العاصمة الاقتصادية. والآن لا بدّ من مقارنة هذا الخطر الذي نجم عن هذه الاعتداءات بهجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، حسب رأي المعلق توماس بيرتلاين.

فندق تاج محل، الصورة: أ.ب
هجمات مومباي الإرهابية تضع العالم أمام تحديات جديدة في الحرب على الإرهاب

​​ تحتَّم ومع الأسف على المدن الهندية الكبرى في الأعوام الأخيرة أن تعتاد إلى حدّ ما على الإرهاب. وبينما كان من المتَّبع ولفترة طويلة من الزمن توجيه أصابع الاتِّهام إلى الجارة باكستان حينما كانت تقع في الهند هجمات إرهابية، أصبح يوجد في هذه الأثناء رأي مفاده أنَّ هناك جماعات مختلفة من الإرهابيين الهنود الذين يقومون بعمليات إرهابية لأسباب تتعلَّق بالسياسة الداخلية؛ فهناك مسلمون هنود تحوّلوا إلى متطرِّفين بسبب التمييز والبرامج المناوئة لطائفتهم والتي تتم إثارتها من قبل سياسيين هندوسيين. ويضاف إلى ذلك جميع الجماعات الانفصالية الممتدة من إقليم كشمير وحتى المناطق الشمالية الشرقية في البلاد؛ وأخيرًا تم أيضًا وعلى وجه التحديد في الأسابيع الأخيرة اعتقال أشخاص هندوسيين يعتقد أنَّهم إرهابيون ويفترض أنَّهم قاموا من ناحية أخرى بهجمات على أهداف إسلامية - وحتى أنَّ من بينهم ضابط في الجيش الهندي.

غير أنَّ طبيعة الهجمات الأخيرة مختلفة، إذ تشير الهجمات التي تم تنفيذها في وقت واحد ضدّ مجموعة من "الأهداف السهلة" إلى تنظيم القاعدة. ومن الجائز أنَّ الجهد المبذول من أجل التمكّن من التنسيق بين العديد من الإرهابيين في أماكن مختلفة للقيام بهذه الهجمات قد كلَّف مجموعات ذات أجندات محلية أو دولية أكثر مما في وسعها؛ كما أنَّ اختيار الرهائن الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين الذي يبدو مقصودًا يتناسب أيضًا مع أهداف الإرهابيين الدوليين.

احتمال وجود قاعدة أجنبية للإرهابيين

وكذلك أشار رئيس الوزراء الهندي، مانوهان سينغ في الردود الأولى على هذه الهجمات إلى أنَّ المجموعة التي تكمن خلف هذه الاعتداءات تعمل انطلاقًا من "قاعدة في بلد أجنبي". وعلى الرغم من أنَّه لم يذكر اسم الباكستان فمن المحتمل أنَّ سلسلة هذه الهجمات سوف تؤدِّي إلى توتّرات جديدة بين الهند والباكستان. ومن الجائز أن يكون هذا ما يريده المسؤولون عن هذه الهجمات.

وهذه الهجمات تعيد إلى الذاكرة عام 2001 - وذلك عندما اقتحم إرهابيون بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ببضعة أشهر البرلمان الهندي؛ وحينها قامت الهند باتِّهام الباكستان بالضلوع بهذه الهجمات ووجَّهت قواتها العسكرية إلى حدودها مع باكستان. وتأجَّجت الأوضاع طيلة أشهر وكان يبدو أحيانًا أنَّ حتى اندلاع حرب ذرية لم يكن مستبعدًا بين الجارتين الواقعتين في جنوب آسيا. وفي تلك الفترة استغل تنظيم القاعدة وحركة الطالبان انشغال الجيش الباكستاني على الحدود الباكستانية الشرقية وأعادا تنظيم صفوفهما في المناطق الحدودية الباكستانية بعدما تم إجبارهما على الانسحاب من أفغانستان من خلال اجتياح الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان.

آثار هذه الهجمات تتجاوز الهند

وحاليًا يتعرَّض تنظيم القاعدة تحديدًا في هذه المنطقة لضغوطات وذلك لأنَّ الجيش الباكستاني بدأ بعمليات عسكرية على امتداد الحدود الأفغانية ولأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بشن غارات جوية على تنظيم القاعدة وحركة الطالبان انطلاقًا من الأراضي الأفغانية. والشبكات الإرهابية لها مصلحة خاصة في سوء العلاقات بين الهند وباكستان وكذلك في جعل الجيش الباكستاني منشغلاً بأمور أخرى.

وعليه فمن الجائز أن تتخطَّى آثار أعمال العنف التي وقعت في بومباي حدود الهند. فهذه الهجمات تؤثِّر على المنطقة برمّتها ويجب كذلك النظر إليها باعتبارها أوّل تحدِّيات للرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا، باراك أوباما والذي وعد بفعل الكثير في أفغانستان وباكستان. وفي ذلك سوف يحتاج أوباما إلى مقدار كبير من اللباقة وحسن التقدير.

توماس بيرتلاين
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيلة 2008

يعمل توماس بيرتلاين مديرًا لقسم جنوب شرق آسيا في مؤسسة الدويتشه فيله.

قنطرة

الحلف بين الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان:
تحالف مع الشيطان!
باكستان مطالبة بأن تتبوأ دور الحصن المنيع للولايات المتحدة في الحرب المشتعلة ضد الإرهاب. لكن تحقيق ذلك المطلب يبدو أمرا صعبا في ظل السياسة التي ينتهجها مشرف تجاه التيارات الإسلامية. تحليل بيرنارد إيمهاسلي.

قراءة في نفسية الخاسر العربي:
الإرهاب الإسلامي مثلما يراه الكاتب الألماني انتسنسبيرغر
يرى الشاعر والمثقف الألماني هانس ماغنوس انتسنسبيرغر في كتابه الأخير "رجال الرعب" أن العالم العربي-الإسلامي هو النموذج المثالي للخاسر بما تحمل الكلمة هذه الصفة من قسوة وإسقاط. بقلم حسين الموزاني

أوباما وسياساته الشرق أوسطية:
دبلوماسية "أوبامية" جديدة على إيقاعات شعار التغيير؟
حسب رأي الخبير وأستاذ العلوم السياسية توماس يِيغَر لا يمكن توقّع قيام إدارة الرئيس أوباما بإحداث تغييرات جذرية في سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط. غير أن الأمر الأكثر أهمية هو إن كانت السياسة الخارجية الأمريكية سوف تتَّبع مسارًا سياسًيا جديدًا مختلفًا عن الحرب على الإرهاب.