وصفة لفوضى صراع حضارات ساذج

أثار اقتراح رئيس أساقفة كانتربري روان ويليامز، بشأن تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا موجة عارمة من الاستياء في وسائل الإعلام، بيد أنَّ هذه الفكرة ليست جديدة، إذ يرى النقاد أنَّ هناك ضغطًا يرمي إلى ربط مبادئ الشريعة الإسلامية مع القانون المدني. غينا توماس يستعرض بعض جوانب هذه القضية.

أثار اقتراح رئيس أساقفة كانتربري روان ويليامز، بشأن تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا موجة عارمة من الاستياء في وسائل الإعلام، بيد أنَّ هذه الفكرة ليست جديدة، إذ يرى النقاد أنَّ هناك ضغطًا يرمي إلى ربط مبادئ الشريعة الإسلامية مع القانون المدني. غينا توماس تستعرض بعض جوانب هذه القضية.

 رئيس أساقفة كانتربري روان ويليامز، الصورة: أ.ب
"يبدو أنَّ رئيس الأساقفة يشكّ في المبدأ الأساسي للمساواة أمام القانون"، كما يرى غينا توماس

​​كان يقال في ملك إنكلترا يعقوب الأوّل (حكم من 1603 حتى 1625) أثناء حياته إنَّه أذكى مجنون في الديانة المسيحية. وقد كتب عنه بعد بضعة قرون من الزمن ابن بلده السير والتر سكوتّ مؤسّس الرواية التأريخية: أنَّه "على قدر عالٍ من الثقافة لكنه لا يمتلك معرفة مفيدة، وإنَّه لبق وذكي في حالات نادرة لكن لا توجد لديه حكمة حقيقية".

والآن يدّعي البعض عن روان ويليامز رئيس أساقفة كانتربري في بريطانيا مثل هذه الصفات - هذا الأسقف الذي تترافق قدراته الفكرية الشهيرة مع قدر كبير من السذاجة.

يكاد يكون من المستحيل إيجاد تفسير آخر لدهشة ممثّل الكنيسة الأنجليكانية من الضجة التي أثارها من خلال اعتباره أنَّ دمج بعض مبادئ الشريعة الإسلامية في القانون البريطاني أمر لا يمكن تجنّبه ومن خلال "تحذيره من تطبيق القانون التقليدي تطبيقًا غير مرن وجامد للغاية"، وكذلك من خلال تسليطه الضوء على أنَّ "نظامًا كونيًا يقوم على أساس التنوير يجب أن يُنظر إليه على أنَّه نتيجة محتملة لعزل أقلية في غيتو وتقريبًا حرمانها من حقوقها على حساب التضامن الاجتماعي والإبداع".

سلطة قضاء متنوّعة و"سوق للقوانين"

صحيح أنَّ الأفكار الملتوية التي طُرحت في محاضرة استمرّت ساعة وألقيت أمام خبراء قانونيين وفقهاء لا تدع مجالاً لاختصارها في طلب شامل من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية بالتوازي مع القانون البريطاني، مثلما تريد منا العناوين العريضة تصديق ذلك.

لكن يبدو أنَّ رئيس الأساقفة يشكّ في المبدأ الأساسي للمساواة أمام القانون، وذلك من خلال تصوّره لسلطة قضاء متنوّعة و"سوق للقوانين" يختار فيها المستهلك واحدًا من كلا النظامين القضائيين.

اشتكى قبل بضعة أسابيع أسقف روتشيستر، مايكل نظير علي، الذي تعود أصوله إلى باكستان من أنَّ البريطانيين قد فقدوا، في سعيهم إلى دمج المهاجرين ذوي الثقافات المختلفة تحت راية التعددية الثقافية، الثقة في الرؤية المسيحية التي يقوم على أساسها الجزء الأكبر من انجازات حضارتهم وقيمها.

يكمن السبب الذي دفع نظير علي إلى التعبير عن قلقه هذا في التطرّف الإسلامي الذي عادت إليه الحياة من جديد والذي حوّل - حسب قوله - أجزاءً من بريطانيا إلى مناطق محظورة على غير المسلمين.

كما نوّه الأسقف نظير علي إلى أنَّ هناك ضغطًا يمارس من أجل ربط مبادئ الشريعة الإسلامية مع القانون المدني البريطاني، وتساءل عما إذا كان المرء قد فكّر بالنتائج التي ستترتّب على ذلك. كان أقل ما يمكن توقّعه على الإطلاق أن يكون التأكيد على انعدام الثقة في التقليد المسيحي من جانب رئيس كنيسة بريطانيا الرسمية.

رفع الأذان بمكبّرات الصوت

في أوكسفورد ثارت مشاعر الكثيرين على رغبة الأئمة في رفع الأذان للصلاة بمكبّرات الصوت. وحاليًا ينبغي أن يحكم ثلاثة من كبار القضاة فيما إذا كان عقد الزواج المبرم حسب الشريعة الإسلامية لشخص مسلم لم يكن قادرًا بسبب "صعوبات في تعلّم اللغة" على التعبير عن موافقته يعتبر أمرًا "يتعارض بدرجة ما مع جوهر القانون البريطاني"، بحيث يجب رفض الاعتراف بشرعية هذا الزواج.

وافقت الحكومة البريطانية قبل فترة قصيرة على قانون يقضي بأن الدولة ملزمة بنفقة إضافية لنساء متزوجات من أزواج مسلمين متزوّجين بأكثر من زوجة واحدة. كذلك صارت القروض الشرعية مسموحة في بريطانيا، وذلك بسبب تحريم الإسلام لفرض الفوائد على القروض.

وفي المقابل كان لا بدّ للكنيسة الكاثوليكية من الإذعان لقانون يمنح المثليين الجنسيين ممن يريدون تبني طفل الحق في معاملتهم معاملة متساوية. لم تستطع وكالات التبني الكاثوليكية ملاءمة مبدأ المساواة هذا مع معتقدها - ونتيجة لذلك صارت تتخلّى عن عملها في هذا المجال. لذا فلا عجب من حدّة موجة الاستياء هذه.

غينا توماس
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: فرانكفورتر ألغماينه 2008

قنطرة

المدارس الدينية ما بين بريطانيا وفرنسا:
قضية تتعلق بالمساواة
تلميذ في مدرسة ألمانية في شفيرين في الوقت الذي تمنع فيه فرنسا لبس الحجاب في المدارس تؤسس بريطانيا العظمى مدارس دينية إسلامية جديدة. وهو أمر جعل الجدل في الأوساط التعليمية يدور من جديد حول الإسلام. تقرير كتبه كريس رينولدس.

قضية التلميذة البريطانية المسلمة شابينا بيغوم:
جدل حول ارتداء الجلباب في المدرسة
للمدارس البريطانية حرية القرار في طريقة لباس التلميذات ولكن قد تتغير هذه السياسة بعدما أصدر مجلس اللوردات، وهو أعلى سلطة قضائية في بريطانيا، حكما ضد شابينا بيغوم التي أصرت على لبس الجلباب في المدرسة. تقرير جوليا غروسه من لندن

المسلمون و"الحرب ضد الإرهاب":
المبادئ الخمس لمستقبل الإسلام
تطالب الصحفية البريطانية الشابة فارينا علم الرجوع إلى القيم الدينية الإسلامية - التي تفضل الحوار على العنف والفضائل الاجتماعية على الحماس الديني المتعصب – وترى في ذلك إحدى الإمكانيات لتهدئة غضب الشباب المسلم.