الشبكات الاجتماعية- فضاءات للدعاية التحريضية

منذ عدة أعوام يتم نشر رسائل مصوَّرة لأسامة بن لادن عبر المواقع المتطرِّفة. والآن تتسرَّب أيضًا الدعايات التي تمجِّد العنف أكثر وأكثر فيما يُعرف باسم الـ"ويب 2.0" Web 2.0، أي في منتديات تفاعلية على الإنترنت. يِنس روزباخ يلقي الضوء على هذه النشاطات الإعلامية الإسلاموية.

تظهر مرارًا وتكرارًا أفلام لمقاتلين إسلامويين على شبكة الإنترنت

​​ شخص مسلم ملثَّم يغنِّي على أنغام موسيقى عربية إسلامية كلمات نصّ يتناول الفكر الجهادي. وفي هذا الفيلم تشاهد صور تصوِّر الإرهاب الإسلامي وتعرض على سبيل المثال مشاهد هجمات. والباحث يِنس كوتشر Jens Kutscher الذي يُدرِّس علوم القانون في جامعة إرلانغن، عثر على هذا الفيلم الدعائي الإسلاموي على موقع الأفلام المعروف عالميًا، يوتيوب YouTube - مع مئات من الأفلام الدعائية الأخرى التي تدعو إلى الجهاد ضدّ الولايات المتَّحدة الأمريكية وكلّ العالم الغربي.

وفي كثير من هذه الأفلام لاحظ يِنس كوتشر أنَّه يتم استغلال الدين لصالح الدعاية الإسلاموية، حيث يقول كوتشر: "يتم هنا على سبيل المثال ربط الزمن الحاضر مع الفترة المبكِّرة من التاريخ الإسلامي، ويتم ذكر أمثلة خاض فيها النبي محمد معارك ضدّ أشخاص غير مسلمين في عصره، وهنا تتداعى الأفكار ويتم ربط الماضي بعصرنا الحاضر، حيث يصبح مرة أخرى من الممكن للمسلمين الدفاع عن أنفسهم والتصدِّي لغير المسلمين".

أفلام بموضوعات معادية للسامية

وتحت هذه الأفلام الإسلاموية تُركت أيضًا رسائل وتعليقات يكتبها من جميع أنحاء العالم أشخاص مسلمون يشجِّعون على استخدام العنف. وهكذا يُشيد أحد مستخدمي الإنترنت بهذا الشريط الإرهابي من خلال كتابته هذه العبارات: "الحمد لله! خذّ المزيد من النار، المزيد من النار، المزيد من النار! هاهاها! هذا الفيلم رائع!".

من أساليب القتال - تهديدات وأفلام دعائية تمجِّد العنف

​​ وليس فقط على موقع الأفلام يوتيوب، بل كذلك يصول ويجول الكثير من الإسلامويين على موقع الفيس بوك الذي يعتبر أكبر شبكة اجتماعية على شبكة الإنترنت في العالم. وهنا يمكن للأفراد إنشاء صفحة شخصية، وكتابة الرسائل الإلكترونية والاندماج في مجموعات - أيضًا في مجموعات تدعو بشكل علني إلى العداء.

والصحفي كريستوف غونكيل Christoph Gunkel عثر العام الماضي على واحدة من مثل هذه المجموعات الافتراضية. وهكذا يتذكَّر عملية انتحارية حدثت في الربيع في القدس؛ تم فيها قتل ثمانية أشخاص يهود في مدرسة دينية يهودية على يدّ شخص فلسطيني متطرِّف اسمه علاء أبو دهيم. ويقول غونكيل: "بعد ذلك بفترة قصيرة ظهرت على موقع الفيس بوك مجموعة أشادت في آخر المطاف بهذا القاتل واعتبرته شهيدًا، ومن ثم تتوفَّر بطبيعة الحال لدى هذه المجموعات الفرصة لكتابة تعليقات وإرسال صور وأفلام. ومن دون ريب كثيرًا ما تكون لديهم خلفية معادية للسامية".

أسلحة افتراضية في موقع "سكند لايف"

وطبقًا لآراء الخبراء فإنَّ النشاط التفاعلي في مواقع الـ"ويب 2.0" يشكِّل خطرًا. وهكذا ظهرت مرة على موقع الفيس بوك مجموعة أعلنت أن إسرائيل ليست دولة صحيحة. "وهذه المجموعة كانت تضم نحو ستمائة ألف عضو. ويتم مرارًا وتكرارًا الاتِّصال بجميع هؤلاء الأعضاء. ولهذا السبب يمكن القول إنَّ هذا النوع من النشر لا يعتبر غير خطير تمامًا".

وعلى نحو مشابه تنشأ هذه المشكلة في العالم الافتراضي "سكند لايف" Second Life - الحياة الثانية - على شبكة الإنترنت. وفي هذا العالم يعمل أشخاص خياليون في مبانٍ وهمية على أراضٍ خيالية. وفي الحياة الثانية هذه يوجد على سبيل المثال متجر يُطلق عليه اسم "المتجر العربي الحصري" Arabian Exclusive Shop. وهذا المتجر يقدِّم إعلانات لمعدَّات حربية افتراضية مثل ملابس الطالبان وأسلحة الجهاد، بالإضافة إلى أسلحة الدمار الشامل.

صعوبة مراقبة مواقع الـ"ويب 2.0"

غالبًا ما تكون المجموعات الإسلاموية متقدِّمة أكثر من المحققين وتحاول استلهام تاريخ المسلمين القديم

​​ وتكمن المشكلة في عدم التمكّن من منع الإسلامويين من نشر دعاياتهم التحريضية في جميع مواقع الويب 2.0. والموظفون الألمان العاملون في مؤسسات حماية الشباب وحماية الدستور الذين يبحثون في داخل "شبكة الإنترنت العادية"، ينهزمون أمام شبكات الويب 2.0 المعقَّدة والتي تصعب مراقبتها. وذلك لأنَّ عملية إنشاء صفحة شخصية وإجراء اتِّصالات مع مجموعات مشكوك في أمرها، بالإضافة إلى توثيق المواد المناسبة، تكلِّف الكثير من الوقت، طبقًا لمعلومات خبير الإنترنت المقيم في برلين، بوركهارد شرودر Burkhard Schröder.

ويرى بوركهارد شرودر قبل كلِّ شيء أنَّ العالم الافتراضي "سكند لايف" معقد جدًا، ويقول: "لقد احتجت إلى نصف عام من أجل فهم البرامج التي يمكنها إنجاز الكثير جدًا، كما أنَّ اكتشاف الطرق التي تتكوَّن من خلالها المجتمعات الافتراضية لا يعتبر بهذه البساطة على الإطلاق. وهذا يتم جزئيًا في الخفاء".

الحركات المضادة تعطِّل مواقع الإسلامويين

وهكذا يبقى التصدِّي لحقد الإسلامويين متروكًا لمستخدمي الإنترنت النشيطين؛ وهكذا أيضًا نجد على سبيل المثال تعليقًا منتقدًا سجَّله عضو في موقع اليوتيوب، حيث يندِّد بشريط فيديو للجهاديين، ويكتب: "غريب جدًا! هل تُفكِّرون حقًا أنَّكم ستدخلون الجنّة، عندما تقتلون أشخاصًا لا يعبدون مثلكم نفس الإله الأسطوري؟".

وفي هذه الأثناء صارت توجد في مواقع الويب 2.0 مجموعات كبيرة تخرج لمحاربة الإسلامويين. هؤلاء المستكشفون يواجهون الإسلامويين، ويفضحون الدعاية للعنف والتحريض عليه، كما أنَّهم يسخرون من الأفلام التي تنشر الكراهية والحقد. وكذلك يلجأ بعض المتحمِّسين المولعين بشبكة الإنترنت، على سبيل المثال من إسرائيل، أيضًا لاستخدام أساليب غير تقليدية؛ فهم يستولون على بعض المواقع والشبكات الإسلاموية المنتشرة على شبكة الإنترنت، ويشِّلونها - إلى أن تظهر مجموعة أخرى من الإسلامويين.

يِنس روزباخ
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009

قنطرة

تطوّر الفكر الجهادي:
أساليب دقيقة لتجنيد الإرهابيين العالميين
نشرت مؤخرًا اللجنة الخاصة بالأمن القومي والمنبثقة عن مجلس الشيوخ الأمريكي تقريرًا عن آخر تطوّرات الإرهاب الإسلاموي؛ وهذا التقرير يحذِّر من الأساليب الدقيقة التي يتبعها تنظيم القاعدة. ويحاول معدّو التقرير تصوّر الطريقة التي يفكِّر بها الإرهابيون العالميون - وقد طوّروا الآن نموذجًا من أربع مراحل، من المفترض أن يتم من خلاله إيضاح الأساليب المتبعة في تلقين المسلمين المرحلي. التفاصيل من يوسف كرواتورو.

شبكات إسلامية متطرفة في الإنترنت:
تحالف ألكتروني غير مقدس!
تلجأ بعض المواقع في الانترنت الى بث رسائل متطرفة بدعوى دعم الكفاح من أجل تحرير العراق ومناطق الحكم الذاتي الفلسطيني. تقرير من ارمغارد بين وأيمن مزيك عن التطرف الالكتروني و الحرب ضد مخاطر العالم الافتراضي.

حوار
الإنترنت والديموقراطية في العالم الإسلامي
يزداد استخدام الإنترنت في الدول العربية والإسلامية. هل يؤدي ذلك إلى تغييرات بنيوية في الرأي العام؟ وهل تتعامل المجتمعات الإسلامية بشكل جديد مع المسائل الدينية والسياسية؟ هذه هي بعض محاور الحوار مع الباحث الألماني ألبرشت هوفهاينز.