المثقفون المغاربة يعلقون آمالاً كبيرة على الدستور الجديد

يؤكد رئيس اتحاد كتاب المغرب، عبد الرحيم العلام، أن المثقف المغربي لعب دورا هاما في اقرار التعديلات السياسية التي عرفها المغرب، ويتنبأ العلام بمشهد ثقافي عربي جديد، يواكب الثورات الحالية، ويستوعب كل التوجهات والتيارات. عبد المولى بوخريص حاور الكاتب العلام.

Von عبد المولى بوخريص



تشهد الساحة الثقافية المغربية نقاشا كبيرا بعد إقرار الدستور المغربي الجديد، الذي اعتبره الكثير من المهتمين بالمشهد الثقافي والشأن الفكري في المغرب ثورة حقيقية مكنت من دسترة مؤسسة المثقف ممثلة في المجلس الوطني للغات والثقافة. لكن وفي الوقت نفسه انتقدت أصوات أخرى دور المثقفين المتواضع في عملية التعديلات الدستورية الأخيرة وأشارت إلى أن دور المثقف المغربي كان محتشما في الدفع نحو إقرار تعديلات سياسية ودستورية على خلاف باقي الدول العربية.  رئيس اتحاد كتاب المغرب، عبد الرحيم العلام يوضح في الحوار التالي مع دويتشه فيله دور المثقفين في المغرب حاليا.

 

 على خلاف باقي الدول العربية، المثقف المغربي كان له دور محتشم في الدفع نحو إقرار تعديلات دستورية وسياسية، كيف تنظرون أنتم في اتحاد كتاب المغرب إلى هذا الأمر؟

 

 

الصورة ريما نجمي
يعلق المثقفون المغاربة آمالا كبيرة على المجلس الوطني للغات والثقافة الذي نص عليه الدستور الجديد

​​عبد الرحيم العلام: في الحقيقة لا يمكن اعتبار دور المثقف دورا محتشما بالنظر إلى الحضور المكثف والإسهام المؤثر للمثقفين المغاربة، ومشاركتهم في صياغة وثيقة الدستور قبل طرحها للتصويت، ولا أدل على ذلك مثلا الحضور الوازن لاتحاد كتاب المغرب الذي يمثل المثقفين المغاربة بمختلف توجهاتهم واهتماماتهم الفكرية والثقافية والأدبية. وتجلى هذا الحضور إلى جانب اللجنة التي كانت مكلفة بصياغة وثيقة الدستور، حيث تلقينا في هذا الإطار دعوة رسمية من اللجنة، وقدمنا مقترحاتنا وتصوراتنا للمسألة الثقافية.

 هذه التصورات يمكن اختصارها على سبيل المثال في نقاط من قبيل توصيتنا بضرورة تفعيل المجلس الأعلى للثقافة، الذي أصبح اليوم يسمى في وثيقة الدستور بالمجلس الوطني للغات والثقافة، وهو أحد مقترحاتنا التي أخذت بعين الاعتبار، بل أكثر من ذلك أصبح له موقع متقدم في الدستور بحيث احتل الفصل الخامس من الوثيقة، وهو أول مؤسسة دستورية يتم التنصيص عليها. فضلا عن ذلك قمنا باقتراح دسترة اللغة الأمازيغية وترسيمها وهو ما تم أخذه أيضا بعين الاعتبار. فهذا حضور رمزي وايجابي لاتحاد كتاب المغرب.

 والى جانب هذا قامت مجموعة من الأدباء والمثقفين المغاربة بطرح تصوراتهم في الصحافة الوطنية والعربية بشكل منفرد، وإصدار ما سموه البيان الديمقراطي الذي تضمن مجموعة من الاقتراحات والتصورات، التي رفعوها إلى اللجنة المكلفة بتعديل الدستور ولو أنها جاءت متأخرة شيئا ما. لكن المهم هو أن الشريحة المثقفة راضية إلى حد ما على الوثيقة الدستورية الحالية التي تم التصويت عليها بما تضمنته من احتفاء بالشأن الثقافي.

 

كما أسلفتم تضمن الفصل الخامس من الدستور الجديد إنشاء مجلس وطني للغات والثقافة. هل تتوقعون أن يكون لهذا المجلس دورا في تحريك عجلة الثقافة بالمغرب؟

 

الصورة ا ب
ملك المغرب، محمد السادس وإلى يساره أخيه رشيد وعلى يمينه إبنه الحسن

​​عبد الرحيم العلام: حقيقة نراهن نحن في الاتحاد وكافة المثقفين المغاربة بتوجهاتهم المختلفة على هذا المجلس، وعلى دوره المستقبلي في تحريك عجلة الثقافة والتنمية الثقافية في بلادنا، وفي تحريك الاهتمام باللغات الوطنية الأخرى في البلاد. فهذا يعتبر مكسبا جديدا لم يتم من قبل العمل به ولم يتم الاهتمام به بهذا المستوى. وفي ضوء العجز الذي أصاب وزارة الثقافة بالمغرب كونها تراجعت عن مجموعة من المكتسبات التي كانت لهذا القطاع الحكومي في تحريك عجلة الثقافة والتنمية الثقافية ببلادنا، يراهن الكل الآن على هذا المجلس، ومراهنتنا عليه مرتبطة بضرورة تفعيل النصوص القانونية التطبيقية في الفصل الخامس وغيره من الفصول أيضا. وثمة عمل آخر يجب القيام به من قبل فقهاء القانون المغاربة، حتى يكون لهذه الوثيقة معنى خاص وحتى يتم تفعيل هذا المجلس بالشكل المرتضى.

 

على ضوء الحراك الشعبي الذي تعرفه بعض الدول العربية. هل يمكن القول بأن بوادر تشكيل مشهد ثقافي جديد بدأت تلوح في الأفق؟

 

عبد الرحيم العلام: بالفعل يمكن القول أن مشهدا ثقافيا عربيا جديدا يتشكل بعد هذه الفورة الجماهيرية، وبعد التطورات الشعبية المتلاحقة والمتواصلة في دول عربية عديدة، وهو ما حاولنا الوقوف عنده بشكل أو بآخر من خلال بعض الندوات التي قمنا بتنظيمها في اتحاد كتاب المغرب تضامنا مع المثقفين في مصر ومع المثقفين في تونس أيضا. وقد طرحت مجموعة من الأسئلة في هذه الندوات، وهي ثلاث ندوات نظمت في الرباط والدار البيضاء، تشير إلى أن هناك مؤشرا جديدا على تحريك العجلة الثقافية وتحريك المشهد الثقافي العربي بشكل عام، ويكفي مثلا أن نذكر ما يحدث اليوم في مصر على وجه الخصوص من اهتمام برصد هذه التحولات، وبرصد تجليات هذا الحراك الشعبي والثورة الشعبية في مصر، فثمة اليوم عددا لا يستهان به من النصوص الروائية التي تواكب وتستوعب هذه التحولات التي يعرفها العالم العربي بشكل عام.

 

 أجرى الحوار: عبد المولى بوخريص

مراجعة: لؤي المدهون

حقوق النشر: دويتشه فيله 2011