تعرف على فنون الطهي في الحضارة الإسلامية

جمعوا بين موائد الروم والفرس والمغني زرياب يؤسس المطبخ الأندلسي المغربي..

المطبخ في حضارة الإنسان مرآة للوضع الاقتصادي؛ فكلما مالت الحياة إلى البدائية والبساطة أثّر ذلك في مطاعم الناس، وكلما مالت الحياة إلى التعقيد تلوّنت موائدهم. ولقد كان طعام العرب في البادية مشابهًا لحياتهم البريّة جافًّا وقاسيًا، قليل التزويق والمعالجة خاليا من التعقيد، فقائمة طعام العربي في باديته ليست إلا إحصاء لما يحيط به من النباتات والحيوان.

وفي هذا المقال؛ ندعو القارئ ليذوق معنا -بلسان عقله- طيبات ما وقفنا عليه من مطالعات فنون الطهي عند المسلمين، ندعوه إلى مائدة تضم ألوانًا من الأخبار والأفكار المتعلقة بالمطبخ العربي وتطوره عبر القرون، من أيام الجاهلية وصولًا إلى آخر ما طالعناه من كتب الطبيخ في القرن السابع الهجري.

مائدة فقيرة



عاشت أغلبية العرب في بيئة صحراوية مجدبة؛ ولذلك فإن غاية ما عرفوه من صنعة الطعام "الثريدُ" وهو خبز يُفتّ ويبلّ بالمرق ويوضع فوقه اللحم؛ و"المَضيرة" وهي طبخ اللحم باللبن الماضر أي الحامض؛ والهريسة، والعصيدة؛ والشواء الذي منه ما يُشوى على الحطب والفحم، وما يُشوى على الحَجَر المُحْمَى بالنار، وهذا الأخير يسمونه "المرضوف". وكذا "الحريرة" وهي حساء من الدسم والدقيق، وقد تطورت الحريرة مع التحضّر حتى أصبحت بصورتها الحالية التي يتفنن فيها المغاربة ويقدمونها على موائد إفطارهم الرمضانية.

ولم يكن العرب يعدلون باللحم شيئًا إذا توفروا عليه، ويرون أن تناوله مع غيره تطويلٌ لا موجب له؛ فقد جاء في ‘محاضرات الأدباء‘ للراغب الأصفهاني (ت 502هـ) أنه "قُدّم إلى أعرابي خبز عليه لحم، فأكل اللحم وترك الخبز وقال: خذوا الطبق"! ويروي ابن قتيبة الدِّينَوري (ت 276هـ) -في ‘عيون الأخبار‘- أنه "قيل لأعرابي: ما لكم تأكلون اللحم وتدعون الثريد؟ فقال: لأن اللحم ظاعن (= راحل) والثريد باقٍ"!! وكان أطيب اللحم لديهم ما اختلط بعظم، حتى قال قائلهم إن "أطيب اللحم عُوّذُه، أي أطيبه ما ولي العظم كأنه عاذ به"؛ كما يقول الدينوري.

ثم اعلم أن ما قدمنا ذكره من الأطعمة ليس من القائمة المعتادة وإنما هو طعام الموسرين من الحضر ومَن أخصبَ من أهل البادية، فإذا أجدبوا فإنهم يأكلون كلّ ما دبَّ ودَرَج؛ ففي ‘عيون الأخبار‘ أيضا أن مدنيا سأل أعرابيًا: "ما تأكلون وما تدَعُون؟ قال الأعرابي: نأكل ما دبّ ودَرَج، إلا أم حُبَيْن (= الحِرْباء)"! يقال إن الجوع أطيب التوابل؛ ولذلك ففي حالة الجدب يأكل العربي ما تيسر له، حيث يكون تناول الطعام سبيلًا للنجاة لا مادة للتفكّه.

 

لقرءة المقال كاملا الرجاء النقر هنا...

 

https://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2020/5/5/%D8%AA%D8%B9%D8%B…