أرمينيا وأذربيجان تتبادلان الاتهامات بقصف مناطق مدنية ومخاوف على حياة المدنيين مع تواصل المعارك

تبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات يوم الإثنين 05 / 10 / 2020 بمهاجمة مناطق مدنية في اليوم التاسع من القتال الأكثر دموية في منطقة جنوب القوقاز منذ ما يزيد على ربع قرن.

وقُتل مئات الأشخاص في الحرب الأحدث على ناغورني قرة باخ، وهو جيب جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني.

وتصاعد القتال في مطلع الأسبوع وبدت فرص وقف إطلاق النار بعيدة بعد خطاب يفتقر للمهادنة ألقاه إلهام علييف رئيس أذربيجان الأحد 04 / 10 / 2020.

وقال علييف في خطاب للأمة بثه التلفزيون إن قوات أذربيجان تتقدم وتستعيد أراضي كان الأرمن قد سيطروا عليها في تسعينيات القرن الماضي لكن أرمينيا تشكك في هذه المكاسب.

وطالب علييف أرمينيا بوضع جدول زمني للانسحاب من ناغورني قرة باخ والأراضي المحيطة بها وقال إن أذربيجان لن توقف الأعمال العسكرية حتى يتحقق ذلك. وأضاف "أذربيجان لديها شرط واحد وهو تحرير أراضيها ... ناغورني قرة باخ أرض أذربيجانية".

وبعد الخطاب مباشرة تحدث آرتسرون هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية قائلا "لا اعتقد أن هناك أي خطر على يريفان (عاصمة أرمينيا) ولكننا في حرب على أي حال".

وأثارت الاشتباكات مخاوف دولية حول الاستقرار في جنوب القوقاز حيث تنقل خطوط أنابيب النفط والغاز الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية، ومن أن يؤدي الصراع إلى تورط قوى إقليمية أخرى، إذ تدعم تركيا أذربيجان بينما لدى أرمينيا معاهدة دفاعية مع روسيا.

اليوم التاسع للقتال

وأعلن إقليم ناغورني قرة باخ يوم الاثنين 05 / 10 / 2020 أن القوات الأذربيجانية شنت ضربات صاروخية على عاصمته خانكندي، بينما قالت أذربيجان إن أرمينيا أطلقت صواريخ على عدة بلدات خارج الإقليم الانفصالي.

وقال فاهرام بوجوسيان المتحدث باسم زعيم الإقليم "العدو يطلق صواريخ على خانكندي وشوشي. لن يتأخر رد جيش الدفاع كثيرا".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان: "معارك عنيفة مستمرة".

وقال مسؤولون من الإقليم إن 21 جنديا قتلوا في اشتباكات عنيفة مع أذربيجان ليصل الإجمالي إلى 223 قتيلا منذ بدء القتال.

ولا تكشف أذربيجان عن خسائرها العسكرية لكنها تقول إنها خسرت25  مدنيا. وقالت أذربيجان إن أرمينيا شنت هجمات صاروخية على مناطق مكتظة بالسكان وعلى البنية التحتية المدنية في أذربيجان. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن نظام الرادار الخاص بها سجل أن عمليات الإطلاق تمت من أراضي أرمينيا.

وقال هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية "من الزيف والتضليل الكامل القول بأن أرمينيا فتحت النار على مناطق أذربيجانية"؟

وهذه الاشتباكات هي الأسوأ منذ التسعينات حين قُتل نحو 30 ألفا، وتنتشر المعارك خارج إقليم ناغورني قرة باخ.

ولم تسفر دعوات لوقف إطلاق النار أطلقتها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن أي نتيجة.

وقال علييف إنه يتعين على أذربيجان الإمساك بزمام الأمور بعد انتظارها إحراز تقدم دبلوماسي دون جدوى لمدة ثلاثة عقود. وقال المحللان ألكسندر سترونيل ويوهان ميشيل من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "القتال أخمد بالأساس أي فرصة للتوصل إلى حل في الأجل القريب للنزاع على ناغورني قرة باخ".

وإذا نشبت حرب مفتوحة بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين فسيكون لدى أذربيجان ميزة واضحة. فلديها قوات نظامية قوامها 81950 جنديا إضافة إلى قوات الأمن بالمقارنة مع 49100 لدى أرمينيا وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

 

 

وقال المحللان إن أذربيجان "لديها ميزة كمية ونوعية" ويبدو أنها اكتسبت زخما بسيطرتها على الجو. لكنهما أضافا أن من السابق لأوانه التأكد من مدى المكاسب التي يمكن تحقيقها على الأرض.

وقال ميشيل إن من المرجح أن تكون أذربيجان قد دمرت ما بين 30 و40 من دبابات العدو بطائرات مسيرة وخسرت بعض دباباتها. لكنه أضاف أنها لكي تتمكن من السيطرة على الأراضي الجبلية الوعرة سيكون عليها التقدم بقوات المشاة والدبابات وناقلات الجنود المدرعة.

مخاوف على حياة المدنيين مع تواصل المعارك في ناغورني قره باخ

واستمرت المعارك بين المسلحين الانفصاليين الأرمن والجيش الأذربيجاني يوم الإثنين 05 / 10 / 2020 في ناغورني قره باخ، غداة يوم شهد قصفًا أسفر عن مقتل مدنيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان إن "تواصل القتال المسلح بدرجات متفاوتة الشدة والذي بدأ ليل الأحد (الأحد إلى الاثنين) على امتداد" خط التماس.

وذكرت وزارة الخارجية في المنطقة الانفصالية في قره باخ أن مدينة ستيباناكرت، التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، تعرضت في الصباح "لقصف صاروخي مكثف"

ويأتي ذلك غداة تعرض بلدات على جانبي الجبهة للقصف بنيران المدفعية، لا سيما ستيباناكرت وشوشة المجاورة لها، وفي أذربيجان، تم استهداف غنجه، ثاني مدينة في البلاد التي تبعد 60 كم عن خط التماس، بالإضافة إلى بيلاغان.

وذكرت تقارير رسمية أن القصف بالقذائف على وجه الخصوص، أدى إلى مقتل أربعة من سكان المنطقة الانفصالية وخمسة في أذربيجان، فضلا عن العديد من الجرحى.

وتبادل الطرفان كالعادة، منذ استئناف النزاع في 27 أيلول/سبتمبر 2020، الاتهامات باستهداف المدنيين عمدا، وبث صور منازل مدمرة أو صواريخ غير منفجرة مزروعة في الواجهات.

ومساء الأحد، أمام عنف القصف الذي طال مناطق مأهولة، أعربت روسيا عن قلقها من نقطة التحول هذه.

وأعرب وزير الخارجية سيرغي لافروف عن قلقه لنظيره الأرميني من "زيادة عدد الضحايا بين السكان المدنيين".

وجدد دعوة روسيا، القوة الإقليمية الرئيسية، إلى "وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن". كما أدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر "القصف العشوائي".

وتعرضت مئات المنازل والبنى التحتية الرئيسية مثل المستشفيات والمدارس للتدمير أو الإضرار، وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر.

لم يعطِ الانفصاليون المدعومون سياسياً وعسكرياً من أرمينيا، والأذربيجانيون، في فجر اليوم التاسع من القتال أي مؤشر على رغبتهم في تلبية دعوات الهدنة التي أطلقها معظم المجتمع الدولي.

وأعلن إقليم ناغورني قره باخ ذو الغالبية الأرمنية انفصاله عن أذربيجان في مطلع التسعينيات ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل. ولم يوقّع أي اتفاق سلام بين الطرفين بالرغم من أن الجبهة شبه مجمدة منذ ذلك الحين لكنها كانت تشهد مناوشات بين الحين والآخر.

ويتبادل الطرفان الاتهام باستئناف القتال الذي أدى الى ما يمكن أن يكون أكثر الأزمات خطورة في المنطقة منذ وقف إطلاق النار عام 1994، الأمر الذي يثير مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أرمينيا وأذربيجان.

وقال رئيس اذربيجان إلهام علييف، في كلمة متلفزة للأمة الأحد، إن الهجوم سيستمر إلى أن يغادر خصمه "أراضينا"، وطالب بأن يبادر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى "الاعتذار" ويعلن أن "قره باخ ليس أرمينياً".

وتؤكد باكو تحقيق عدد من النجاحات العسكرية ميدانيا، بما في ذلك السيطرة على العديد من البلدات والقرى.

ويرفض الجانب الأرمني هذه المزاعم ويظهر أيضًا تصميمه.

وذكرت وزارة الخارجية الأرمينية "بعد أن فشل في تحقيق النصر في ساحة المعركة، أعلن الجانب الأذربيجاني انتصارات خيالية ونشر أخبار كاذبة عن قصف الأرمن للمناطق المأهولة الأذربيجانية".

ولا تزال حصيلة المعارك جزئية إذ لم تعلن باكو خسائرها العسكرية. وسجل حتى الآن مقتل 251 شخصاً، هم 209 مسلحين انفصاليين و 18 مدنياً من قره باخ و 24 مدنياً أذربيجانياً. ويؤكد كل جانب أنه قتل من الطرف الآخر ما بين ألفي إلى ثلاثة آلاف مقاتل.

ويثير احتمال وقوع حرب مفتوحة بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز واللذين كانا سابقا ضمن الاتحاد السوفييتي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة.

وتُتهم أنقرة بصب الزيت على النار من خلال تشجيع باكو على شن هجوم عسكري ويشتبه بأنها أرسلت مرتزقة سوريين موالين لها إلى قره باخ. رويترز ، أ ف ب

 

...........................................................

طالع أيضا

أذربيجان 2020 - بلد ذو أغلبية مسلمة شيعية تحكمه منذ نحو 50 عاماً عائلة واحدة: آل علييف

جولة في العاصمة الأرمينية يريفان...غافية منسية تحت ظل جبل أرارات

أذربيجان دولة قائمة على النفط والمخابرات

النزاع المشتعل حول منطقة ناغورني كاراباخ

رئيس أذربيجان يعيّن زوجته نائباً لهأذري: تحدثنا الروسية مع الأحياء والعربية مع الأموات

كفاح من أجل الحقيقة والسياق التاريخي السليم - الأرمن والإبادة الجماعية

نصف وطن - الأرمن في سوريا

...........................................................