هل من بوادر حلحلة للأزمة الخليجية في قمة الخليج بالسعودية وهل حضور أمير قطر دليل تقارب فعلي؟

أعلن الإعلام الرسمي القطري أن أمير قطر قرر حضور القمة الخليجية في السعودية المقررة يوم الثلاثاء 05 / 01 / 2021.

ومرت أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر من جهة ثانية، وتفتح قمة مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد الثلاثاء 05 / 01 / 2021 في السعودية الباب على ما يبدو أمام الحلحلة.

في الخامس من حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة والتقرب من إيران، الأمر الذي نفته الدوحة.

في ما يأتي أبرز محطات الأزمة:

في 24 أيار/مايو 2017، أعلنت الدوحة أن موقع وكالة الأنباء الرسمية القطرية تعرّض "لعملية اختراق من جهة غير معروفة"، مشيرة إلى أنه تم نشر "تصريح مغلوط" منسوب لأمير قطر.

وتناولت التصريحات التي نفت الدوحة أن تكون صادرة عن أمير البلاد، مواضيع تتعلق بإيران وحزب الله وحركة حماس والإخوان المسلمين، وانتقدت الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقامت وسائل إعلام خليجية بنشر هذه التصريحات رغم نفي الدوحة التي فتحت تحقيقا.

في الخامس من حزيران/يونيو، أعلنت السعودية وحلفاؤها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وترافق ذلك مع إجراءات اقتصادية من بينها إغلاق الحدود البرية والبحرية مع قطر، ووقف الرحلات الجوية وفرض قيود على حركة القطريين في هذه الدول.

في اليوم التالي، علّق ترامب عبر "تويتر" قائلا إن دول الخليج قالت "إنها ستعتمد نهجا حازما ضد تمويل التطرف، وكل الدلائل تشير الى قطر". وأضاف "قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب".

لكن الرئيس الأميركي غيّر لهجته بعد ذلك إزاء قطر التي تضمّ أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

في 22 حزيران/يونيو، عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر قائمة من 13 طلبا وحدّدت لها مهلة عشرة أيام لتنفيذها. ومن ضمن المطالب إغلاق قناة "الجزيرة" والحدّ من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في الإمارة.

في الرابع من تموز/يوليو، أكدت قطر أن "اللائحة غير واقعية" وغير قابلة للتطبيق.

في 25 تموز/يوليو، نشرت السعودية وحلفاؤها لائحة سوداء تضم أسماء "إرهابيين"، وفق تسميتها، وفيها 18 مجموعة وشخصا على ارتباط بقطر. وتضم اللائحة حاليا حوالي تسعين شخصا ومجموعة.

سعت إيران وتركيا منذ بداية الأزمة الى مساعدة قطر على كسر عزلتها.

ووقعت قطر مع الولايات المتحدة عقودا في قطاعات النفط والطيران والتسلح.

وعززت صناعاتها المحلية وحققت نوعا من الاكتفاء الذاتي بعد إغلاق كل المنافذ مع جيرانها الذين كانت تقيم معهم علاقات تجارية قوية.

في نيسان/أبريل 2018، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقاء مع الرئيس الأميركي رفضه أي تمويل للإرهاب.

وأعلن ترامب أنه يعمل من أجل "وحدة" الدول في المنطقة.

في كانون الأول/ديسمبر 2019، استضافت الإمارات كأس آسيا لكرة القدم. وفازت قطر باللقب مع أن المنتخب خاض البطولة دون جمهور.

في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر وبداية كانون الأول/ديسمبر 2019، استضافت قطر بطولة كأس الخليج في كرة القدم، وقررت السعودية والإمارات والبحرين التراجع عن قرارها بعدم المشاركة. وفازت البحرين بالكأس.

في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2019، عُقدت قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض بغياب أمير قطر الذي أوفد بدلا منه رئيس الوزراء في حينه عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني.

وأعلن وزير الخارجية القطري في كانون الثاني/يناير 2020 تعليق محادثات كانت بدأت بخجل، بين بلاده والرياض.

في 16 حزيران/يونيو، أصدرت منظمة التجارة العالمية حكما لصالح قطر في خلافها مع السعودية التي تتهمها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية بسبب قرصنة تعرضت لها شبكة "بي إن" القطرية من قناة "بي آوت كيو" التي يشتبه بأن السعودية تقف خلفها.

في 14 تموز/يوليو، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا لصالح قطر في خلافها مع أربع دول أخرى اتهمتها الإمارة بفرض "حصار جوي" عليها.

في 22 تموز/يوليو، طالبت شركة الخطوط الجوية القطرية هذه الدول بتعويضات بقيمة خمسة مليارات دولار.

في الرابع من كانون الأول/ديسمبر، كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلّق بحل الأزمة الخليجية، متوقعا في مقابلة مع وكالة فرانس برس في البحرين، التوصل قريبا إلى اتفاق نهائي بشأنها.

في 30 كانون الأول/ديسمبر، أعلن مجلس التعاون الخليجي أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وجه دعوة الى أمير قطر لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد في المملكة في الخامس من كانون الثاني/يناير 2021.

حلحلة الأزمة الخليجية تتصدر مناقشات قمة مجلس التعاون في السعودية

ويُتَوقع أن تهيمن أزمة الخليج التي تسبّبت بشرخ في العلاقات بين قطر وأربع دول عربية، على قمة مجلس التعاون الخليجي المقررة في السعودية الثلاثاء 05 / 01 / 2021، وسط مؤشرات من قطر والسعودية خصوصا على رغبة بالتوصل الى حل.

وقطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين في حزيران/يونيو 2017 العلاقات مع الإمارة الثرية واتّهمتها بدعم مجموعات إسلامية متطرفة، وهو أمر تنفيه الدوحة، وأخذت عليها تقرّبها من إيران.

واتّخذت الدول الأربع إجراءات لمقاطعة قطر، بينها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية مع الإمارة ووقف دخول القطريين أراضيها، ما تسبب بفصل أفراد عائلات من جنسيات مختلطة عن بعضهم.

وبعد قطع العلاقات، أصدرت الدول الأربع قائمة تضم 13 مطلبا من قطر تشمل إغلاق شبكة "الجزيرة" الإعلامية وخفض مستوى علاقات قطر مع تركيا. لكن الدوحة لم تذعن علناً لأي من المطالب.

ويأتي اجتماع القمة الخليجية الثلاثاء 05 / 01 / 2021 بينما كثفت واشنطن ضغوطها على الدول المتخاصمة لحل الأزمة، مشدّدة على أن وحدة الخليج ضرورية لعزل إيران مع اقتراب ولاية الرئيس دونالد ترامب من نهايتها.

وطوال السنوات الماضية، صعّد البيت الأبيض لهجته ضد إيران، وانسحبت واشنطن من الاتفاق الدولي المبرم بين الجمهورية الإسلامية وست دول كبرى في 2015 والهادف الى ضبط برنامج إيران النووي، إلا أن الرئيس المنتخب جو بايدن ألمح إلى إمكانية العودة الى طاولة المفاوضات مع طهران.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 إن السماح للطائرات القطرية بالتحليق في أجواء السعودية مجددا من أولويات إدارة ترامب.

في المقابل، أشار محللون إلى أن قطر قد توافق على الدفع باتجاه تخفيف حدة التغطية الإعلامية للأخبار المرتبطة بالسعودية.

وسيكون الخلاف مع قطر على رأس جدول الأعمال في الاجتماع الذي يعقد في محافظة العلا في شمال غرب المملكة.

وليس من الواضح بعد إن كان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيشارك في القمة. وسيكون مستوى التمثيل القطري المؤشر الحقيقي على ما آلت اليه الأمور، إذ إن حضور الأمير سيكون بمثابة دليل على حدوث تقارب فعلي.

وزار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح الحجرف الدوحة الأربعاء 30 / 12 / 2020 لإجراء محادثات مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وتسليمه الدعوة الى أمير البلاد لحضور القمة، علما أن قطر كانت آخر من تسلم الدعوة السعودية بين دول مجلس التعاون بعد الإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين.

وفيما تقول مصادر خليجية إن الاجتماع قد يثمر عن اتفاق على إطلاق حوار واتخاذ خطوات بناء ثقة مثل فتح المجال الجوي، يبدو أن الاتفاق الشامل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها ليس جاهزا بعد.

ويقول الأستاذ المساعد في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن أندرياس كريغ "سيعلنون عن الاتفاق المؤقت مع الأمير على الأرجح بحضوره".

ويشير إلى أن البحرين لا تزال تسعى لإيجاد حلول لمسائل عالقة مع قطر قبل الاتفاق النهائي ومن بينها مسألة الصيد والحدود البحرية.

والشهر الماضي (ديسمبر / كانون الأول 2020)، اتّهمت الدوحة أربع طائرات مقاتلة بحرينية باختراق مجالها الجوي، في رسالة إلى مجلس الأمن.

ونفت المنامة ذلك في وجهته إلى مجلس الأمن مؤكدة أنها لم تخرق المجال الجوي القطري خلال ما وصفته بأنه تدريب مشترك في الأجواء السعودية البحرينية.

إلى جانب ذلك، يحذّر خبراء من أن الإمارات قد تكون اللاعب الحاسم في أيّ مصالحة إقليمية بعدما وجّهت انتقادات لاذعة لقطر وقيادتها منذ بدء الخلاف.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على "تويتر" هذا الشهر "الأجواء السياسية والاجتماعية في الخليج العربي تتطلع إلى إنهاء أزمة قطر وتبحث عن الوسيلة الأمثل لضمان التزام الدوحة بأي اتفاق يحمل في ثناياه الخير للمنطقة".

واستدرك "أما المنصات الإعلامية القطرية فتبدو مصممة على تقويض أي اتفاق. ظاهرة غريبة وصعبة التفسير".

وقبل ذلك، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لوكالة فرانس برس إن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلّق بحل الأزمة الخليجية، متوقعا التوصل قريبا إلى اتفاق بشأنها.

ومنذ ذلك الحين، قدّمت مصر والإمارات دعمهما العلني للمفاوضات، رغم أن مصادر دبلوماسية تقول إن الإمارات متردّدة في تقديم تنازلات.

وتأتي بوادر الحلحلة في وقت تستعد دول الخليج للتعامل مع إدارة أميركية جديدة، بعد علاقات ممتازة بينها وبين إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

وأكّد وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الذي تقود بلاده جهود وساطة بين قطر وجيرانها، أن جميع الأطراف أعربوا عن حرصهم على التوصل إلى "اتفاق نهائي" خلال "مناقشات مثمرة" شاركت فيها الولايات المتحدة مؤخرا.

مجلس التعاون الخليجي ائتلاف إقليمي في أزمة

يضم مجلس التعاون الخليجي الذي يعقد الثلاثاء 05 / 01 / 2021 قمة في السعودية على خلفية أزمة حادة بين عدد من أعضائه، ست دول خليجية عربية نفطية تملك ثلث احتياطي النفط العالمي.

وأنشئ المجلس في 25 أيار/مايو 1981. ويضم السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعمان.

في حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين وكذلك مصر العلاقات مع قطر واتّهمتها بدعم مجموعات إسلامية متطرفة، وهو أمر تنفيه الدوحة، وأخذت عليها تقرّبها من إيران.

ولد مجلس التعاون الخليجي كتحالف سياسي واقتصادي بعد سنتين على انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي كانت تتحدث عن تصديرها الى دول أخرى.

ويبلغ عدد سكان دول مجلس التعاون مجتمعة 52 مليونا نصفهم من الأجانب.

على الصعيد السياسي، وحدهما الكويت والبحرين لهما مجلس نواب منتخب.

في 1984، أنشأ المجلس قوة عسكرية مشتركة، "درع الجزيرة"، لكنها برهنت على عدم فاعليتها في منع اجتياح العراق للكويت في 1990.

بعد تحرير الكويت في 1991 على يد تحالف بقيادة الولايات المتحدة، وقعت دول مجلس التعاون اتفاقات ثنائية دفاعية مع واشنطن.

لكن قوات من "درع الجزيرة" انتشرت في آذار/مارس 2011 في البحرين لمساعدة السلطات على مواجهة تحرك احتجاجي ضدها شارك فيه خصوصا السكان الشيعة الذين يشكلون أكثرية في مملكة يحكمها سنة.

على الصعيد الاقتصادي، أقرت دول مجلس التعاون الخليجي توحيد رسومها الجمركية وإقامة سوق مشتركة ومصرف مركزي واحد، لكن هذه القرارات لم تقرن بخطوات تنفيذية. وتعتمد اقتصادات هذه الدول بشكل أساسي على البترول، وهي تسعى الى تنويع مصادر دخلها منذ سنوات، لكن كل بمفردها.

وتؤمن دول مجلس التعاون الخليجي خمس الإمدادات العالمية بالنفط، وتشكل عائدات النفط سبعين إلى تسعين في المئة من المداخيل العامة.

لذلك، تسبب انخفاض أسعار النفط منذ 2014 بتعثر بعض هذه الاقتصادات، ما أجبر بعض هذه الدول على اللجوء إلى الاستدانة لتعويض العجز في موازناتها.

في نهاية حزيران/يونيو، قدّر صندوق النقد الدولي أن دول مجلس التعاون قد تفقد حوالي مئتي مليار دولار من مداخيلها في 2020.

كما يقدر صندوق النقد نسبة تراجع النمو في هذه الدول بأكثر من سبعة في المئة للسنة الفائتة، وهي أعلى نسبة تراجع منذ أربعين عاما نتيجة وباء كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط.

في كانون الثاني/يناير 2018، أدخلت كل من السعودية والإمارات اللتين تشكلان 75 في المئة من مجمل اقتصاد دول مجلس التعاون، ضريبة الدخل المضافة على المنتجات والخدمات، في قرار غير مسبوق، إذ كان سكان الدولتين حتى ذلك الوقت لا يدفعون أي ضرائب ويستفيدون من سياسة دعم واسعة.

ثم اتخذت البحرين وسلطنة عمان تدابير مماثلة.

منذ أيلول/سبتمبر وحتى اليوم، أعلن عن اتفاقي تطبيع بين دولتين من مجلس التعاون الخليجي، الإمارات والبحرين، مع إسرائيل. ويتوقع محللون أن تسير السعودية وعمان على الطريق نفسه.

وساهم العداء لإيران والخوف من نفوذها في المنطقة في الدفع نحو التطبيع مع إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية.

وإجمالا، تعتبر الدول الخليجية من أبرز الجهات الممولة للمساعدات المقدمة للفلسطينيين. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:41709]