مصر: في ذكرى ثورة 25 يناير الـ10 التي أنتجت أول انتخابات رئاسية حرة، ما وضع دولة القانون 2021؟

مصر 25 / 01 / 2021: بعد عشر سنوات على ثورة يناير - ائتلاف شبابي مهلهل يعكس مصير انتفاضة المصريين: قبل عشر سنوات في 25 / 01 / 2011 تدفق المحتجون على شوارع مصر بعد أن شجعتهم انتفاضة الربيع العربي التي شهدتها تونس.

وشكّل بعض الناشطين الشبان ائتلاف شباب الثورة لتوحيد صفوف التيارات المختلفة في الانتفاضة ومنح المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير بالقاهرة صوتا موحدا.

تمثلت مطالب المتظاهرين في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسط اشتباكات مع الشرطة وبلطجية استأجرتهم أجهزة في الدولة. وفي 11 فبراير شباط من ذلك العام، تنحى الرئيس حسني مبارك عن منصبه.

غير أن الائتلاف تفتت عندما واجه قوتين أكثر رسوخا منه هما جماعة الإخوان المسلمين، التي وصلت للسلطة عن طريق الانتخابات بعد ذلك، والجيش الذي أطاح بالجماعة في العام 2013.

واختلف المشهد تماما في مصر الآن. فقد أشرف عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح رئيسا للبلاد في 2014 بعد أن قاد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي للإخوان، على حملة يصفها الناشطون بأنها الأعنف منذ عشرات السنين.

ويقول السيسي إنه حقق الاستقرار وسمح للبلاد بتجاوز الاضطرابات التي أعقبت 2011. ولم يرد المسؤولون على طلب للإدلاء بتعليق آخر.

وقد وصف السيسي الانتفاضة بأنها "ثورة عظيمة" في الوقت الذي حمّلها فيه مسؤولية سيل من المشكلات الاقتصادية والأمنية. أما ميدان التحرير فقد أعيد تخطيطه كما أن الدولة تبني عاصمة جديدة في الصحراء.

وأصبح بعض من الأعضاء البارزين في الائتلاف خلف القضبان والبعض الآخر يعيش في المنفى. وأصبح أحدهم عضوا في البرلمان من أنصار السيسي.

وفيما يلي بعض حكاياتهم:

إسلام لطفي

كان إسلام لطفي عضوا بارزا في قسم الطلبة بجماعة الإخوان المسلمين وقد طُرد من الحركة في وقت لاحق من ذلك العام عندما انقسم الأعضاء من الشبان مع القيادات الأكبر سنا التي ترددت في مواقفها.

وخرج لطفي (42 عاما) من مصر في 2013 وسط حملة على كل من كانت لهم صلة بجماعة الإخوان وأصبح يعمل الآن في الإنتاج التلفزيوني في لندن.

وقد أدرجته مصر في قائمة للإرهابيين وجمدت أرصدته. وهو يقول إن كثيرين من رفاقه السياسيين السابقين أصبحوا في السجن الآن.

قال لطفي "شخصيا نحن في وضع صعب لكننا سنواصل الكفاح. أمي أصيبت بخرف الشيخوخة وأصبحت كبيرة جدا في السن ولم أحظ بفرصة لكي أكون بجانبها أو أزورها".

ويحتفل بالذكرى العاشرة للثورة بالاتصال برفاقه من الناشطين خارج مصر "ومحاولة بناء حركة سياسية حقيقية".

وقال لطفي "ما ندعو إليه لا يختفي لمجرد أننا لسنا هنا أو لأننا في السجون أو لأننا في المنفى".

باسم كامل

كان باسم كامل ناشطا في صفوف المعارضة الليبرالية في سنوات مبارك الأخيرة في الحكم.

وبعد الانتفاضة، شارك في تأسيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي في مصر وانتُخب عضوا في البرلمان لفترة قصيرة. وبحلول يونيو حزيران 2013، كان واحدا من منظمي الاحتجاجات المعارضة لجماعة الإخوان.

وسرعان ما تحول تفاؤله بسقوط مرسي إلى قلق من تهميش الجيش للمدنيين.

ولا يزال كامل الآن بعد أن بلغ 51 عاما نائبا لرئيس الحزب الذي كسب سبعة مقاعد في البرلمان بالانضمام إلى قائمة يرأسها حزب مؤيد بشدة للسيسي. لكنه لم يشغل أيا من هذه المقاعد وأصبح يوزع وقته بين الأنشطة الحزبية وشركة التصميمات الداخلية التي يمتلكها في القاهرة.

وقال كامل في مقابلة في مكتبه "لو أنت عايز تعرف أنا فين من الحياة السياسية، فالسؤال الأهم: هي فين الحياة السياسية؟ مافيش

حياة سياسية. واقعي يعني، في هامش محدود جدا جدا جدا للممارسة السياسية أو الممارسة الحزبية. في ضوء ده بقى أنا موجود".

وأضاف "أنا قناعتي إن التغيير اللي بنطمح إليه مش هيحصل بطريقة 2011. لازم ييجي بالنقط مش بالضربة القاضية. التغيير لازم ييجي بالعمل التراكمي، المنظم التراكمي الدؤوب طويل المدى".

سالي توما

تتذكر الطبيبة سالي توما المطاردات لإخراجها هي والمتظاهرين من ميدان التحرير في 25 يناير كانون الثاني 2011 والرهبة التي شعرت بها عندما عاد المحتجون لتثبيت أقدامهم في الميدان بعد ثلاثة أيام.

كانت سالي ممثلة لمسيحيي مصر الأقباط في الائتلاف وظلت تشارك في الاحتجاجات حتى عام 2013 مستهدفة الجيش وجماعة الإخوان المسلمين على السواء.

قالت سالي في مقابلة "الاتفاق على إسقاط النظام شيء أما الاتفاق على كيفية البناء شيء آخر. وكان عندك ثورة مضادة تعمل ضدك من البداية".

تقول سالي، التي أصبحت الآن في الثانية والأربعين وتعمل طبيبة نفسية، إن أغلب رفاقها إما في السجن أو في المنفى وإن من بقوا

يحاولون التغلب على الصدمة التي تلقوها في السنوات العشر الأخيرة. وتضيف أن شبكة غير رسمية من "معسكر الثورة" تعمل سرا في قضايا حقوق الانسان.

كما تقول إنها لا تزال تقابل أفرادا يؤكدون التزامهم بالثورة وأهدافها مؤكدة أن "الثورات لا تحدث هكذا وتموت. فالبذور موجودة

وتجدها في أغرب الأماكن".

طارق الخولي

يحمّل المحامي طارق الخولي الإخوان مسؤولية تقويض الانتفاضة من خلال السعي لفرض الحكم الإسلامي. وقد أيد عزل مرسي في 2013 واعتبر ذلك امتدادا و"تصحيحا" لثورة 2011.

وفي العام الماضي 2020، أعيد انتخاب الخولي (35 عاما) عضوا في البرلمان لفترة ثانية مدتها خمسة أعوام وذلك بعد انضمامه إلى حزب مستقبل وطن المؤيد للسيسي.

قال الخولي في مقابلة "من عشر سنين كنت من ضمن آلاف الشباب اللي شاركوا في هذه الثورة العظيمة اللي نادت بالعيش وبالحرية والعدالة الاجتماعية. أنا باعتقد إننا في منتصف الطريق".

وأضاف أن الإجراءات الأمنية التي اتخذت بعد 2013 كانت ضرورية لمنع هجمات المتطرفين وأن من دخلوا السجن بسبب نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي كانوا يحرضون على ارتكاب جرائم.

وقال إن عشرات الآلاف من منظمات المجتمع المدني مسموح لها بالعمل في مصر وأشاد بجهود الحكومة لتحسين الأوضاع المعيشية مضيفا أن البرلمان يزداد قوة كمنبر للتعبير عن الإرادة الشعبية.

شادي الغزالي حرب

كان شادي الغزالي حرب الطبيب الجراح ناشطا من ناشطي المعارضة السياسية قبل الانتفاضة. وقد دخل السجن من 2018 إلى 2020 بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى تنظيم إرهابي وهي اتهامات كثيرا ما تُوجه إلى شخصيات المعارضة.

ويعتقد حرب (42 عاما) أن السلطات ألقت القبض عليه بسبب انتقاداته لسياسات الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد عاد إلى عيادته بالقاهرة لكنه لا يزال موقوفا عن عمله بالتدريس في إحدى الجامعات.

وقال حرب "أنا طلعت (من السجن) على أجواء إنه مافيش أي مجال لأي مشاركة بأي حال من الأحوال، فبالتالي ابتعدت تماما عن المشاركة السياسية، مش بس عشان خاطر التجربة بتاعة السجن، لكن فعلا المناخ السياسي والساحة السياسية غير مشجعة إطلاقا على أي نوع من المشاركة الجدية خالص".

وأوضح أن الأولوية الآن للضغط من أجل الإفراج عن المسجونين. وهو يعتقد أن مُثل الانتفاضة استمرت في الاحتجاجات التي شهدها السودان والجزائر ولبنان بل وفي مصر نفسها.

ويقول حرب "فترة 2011-2013 دي مش مجرد فاصل زمني، هي ثورة بكل معنى الكلمة. ثورة لأنها غيرت وعي شعب كامل. غيرت الوعي الجمعي لشعب من 100 مليون".

الإعلامي الساخر المصري باسم يوسف يؤمن بأن "تأثير الثورة ما زال قائما"

لمع نجم باسم يوسف خلال مرحلة الثورات و"الربيع العربي"، ولم يوفر بانتقاداته الساخرة التي أضحكت ولا تزال الملايين، المسؤولين المصريين. لكن بعد عقد على ثورة يناير، بات النقد السياسي والسخرية في مصر من الماضي.

لكن باسم يوسف الذي يقيم اليوم في المنفى قال 21 / 01 / 2021 لوكالة فرانس برس من دبي في مقابلة عبر الفيديو، "أعتقد أن الثورة كانت شيئا يجب أن يحدث.. كانت شيئا نقيا".

وأضاف "ربما اتجهت في طرق لم نكن نأملها، لكن ما حدث قد حدث، وأعتقد أن تأثير الثورة ما زال قائما".

واقتحم الطبيب الجراح السابق (46 عاما) المشهد العام في مصر بعد أسابيع من الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك في فبراير/شباط 2011. أما اليوم فيعيش في الولايات المتحدة، ويخشى العودة الى بلاده حيث حرية التعبير مفقودة.

وبدأ يوسف مشواره الإعلامي بعرض متواضع على موقع "يوتيوب" كان يصوره في الغرفة المخصصة لغسيل الثياب في منزله. وتحوّل العرض بعد ذلك إلى برنامج حواري ساخر ضخم يُعرض في وقت متأخر من الليل على التلفزيون. وكان المصريون يلتفون كل يوم جمعة من كل أسبوع حول الشاشات الفضائية المصرية أو الإنترنت لمشاهدة "البرنامج" الذي كان يوسف يسخر فيه من الشخصيات العامة والسياسية بروح دعابة أكسبه ملايين المعجبين في كل العالم العربي.

وعرض آخر برنامج تلفزيوني ضخم قدمّه يوسف في الشرق الأوسط على قناة "إم بي سي مصر" السعودية، قبل أن يصدر قرار بإبعاده فجأة عن البث عام 2014، بسبب بعض مزحات تعرضت للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل منصب قائد الجيش آنذاك.

وبسبب تقلّص مساحة حرية التعبير وشحن وسائل الإعلام الموالية للسيسي، انقلب الملايين من المعجبين بالإعلامي الساخر عليه بين ليلة وضحاها وتعرض للتشهير واضطر إلى إنهاء عروضه، وغادر إلى الولايات المتحدة مع أسرته.

وأطاح الجيش المصري، عندما كان السيسي وزيرا للدفاع، بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 بعد عام واحد من توليه السلطة شهد اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة.

وشنّ نظام السيسي حملة قمع واسعة ضد الإسلاميين توسعت لتشمل سجن آلاف المعارضين بين فنانين وناشطين ومحامين وصحافيين وأكاديميين وحتى برلمانيين وسياسيين سابقين.

رغم ذلك، اعتبر باسم يوسف أن ثورة يناير في 2011 التي خرج خلالها الملايين من المصريين الى الشارع للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، "كسرت نوعًا ما طريقة التفكير التقليدية التي عاشت طويلا.. يمكنك رؤية ذلك في الطريقة التي تتعامل بها الأجيال الشابة تجاه السياسة والدين وكل شيء".

وقال "جزء كبير من نجاح +البرنامج+ كمن في الظروف التي خرج منها. ولا يمكنك تكرار ذلك لأن هذه الظروف لم تعد موجودة".

وأضاف "في النهاية، لن يأتي عمل أكثر نجاحا من +البرنامج+، مع 40 مليون مشاهد أسبوعيا. علينا جميعًا أن نتعايش مع ذلك".

ويعيش باسم يوسف اليوم في كاليفورنيا يقدّم عروض "ستاند أب كوميدي" ويكتب ويسجل "بودكاست".

وعن شعوره إزاء ذلك، قال "لا أريد حتى أن أقول إنني في منفى. لقد تجاوزت ذلك"، مضيفا "عندما تخبر نفسك دائمًا أنك في منفى، قد تشغل بالك بمتى تعود. وأنا لم أعد أفكر في ذلك".

وفي محاولة للعودة الى مشاهدي المنطقة، يقوم يوسف حاليا بتصوير حلقات برنامجه الجديد "اسأل باسم" في دبي ليُبث على قناة "الشرق" الفضائية السعودية التي أُطلقت مؤخرا.

وينقل يوسف من خلال البرنامج شغفه بتغيير الخيار الغذائي للناس إلى خيارات نباتية بأسلوبه الطريف المميز المعتاد.

وقال "هذا ليس بعيدًا حقًا عما كنت أفعله، فأنا طبيب في نهاية الأمر".

وتابع "إنها طريقة للعودة إلى العالم العربي دون المخاطر المعتادة التي نعرفها جميعًا (...). أنا أستخدم منصتي وأستخدم شهرتي لإحداث تأثير إيجابي ومساعدة الناس على أن يكونوا أفضل".

وعن عمله في الولايات المتحدة، قال "في أميركا، يدور عرضي عني كمهاجر... يعيش في هذه الأوقات الغريبة، لأن الأميركي القادم (للمشاهدة) لا يهتم بالحديث عن السيسي أو مرسي".

لكن رغم كل شيء، لا ينفي يوسف الحنين الى الوطن.

وقال لفرانس برس "لا يمكنك فعلاً أن تنتهي من وطنك لأنك ما زلت مصريًا.. إنه جزء منك. لكنني انتهيت من محاولتي خوض معركة غير مجدية يدفعك الجميع إليها"، في إشارة الى النظرة إليه غالبا كناشط سياسي.

وقال الكوميدي الذي لديه أكثر من 15 مليون متابع على حساباته على منصات التواصل الاجتماعي، "أقول دائمًا إن دور الفنان الساخر أو الممثل أو الممثل الكوميدي يقف عند الشاشة".

تبخر الحريات في مصر بعد عشر سنوات على الثورة

وبعد عشر سنوات على رياح الحرية التي هبت على مصر إثر تظاهرات ميدان التحرير التي أسقطت حسني مبارك، لا تدخر حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي جهدا لتجنب تكرار مثل هذا السيناريو وتقمع بقسوة كل أشكال المعارضة.

في السجون المصرية اليوم، ناشطون سياسيون وصحافيون ومحامون وفنانون ومثقفون... فمنذ عزل الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي كان أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، في العام 2013، خسر المجتمع المدني المصري تدريجيا كل مساحة للحرية.

تضاف الى ذلك، وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ظروف حبس سيئة واتهامات بالتعذيب وبتنفيذ إعدامات "بعد محاكمات غير عادلة"، وفق تعبير منظمة العفو الدولية.

ونددت المنظمة في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2020 ما وصفته بـ "موجة إعدامات محمومة" في مصر.

كما نددت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي للعام 2021 بـ "القبضة القاسية للحكومة المتسلطة"، مشيرة الى أن "جائحة كوفيد-19 (...) زادت ظروف الحبس، الفظيعة أصلا، سوءا".

ووفق هيومن رايتس ووتش، "مات عشرات السجناء في الحبس من بينهم 14 على الأقل بسبب إصابتهم بفيروس كورونا المستجد".

وتقول المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الانسان أنياس كالامار لوكالة فرانس برس "الربيع العربي في مصر كان قصيرا".

وتتابع "استخلص النظام أسوأ درس من الربيع العربي وهو قتل أي تطلع الى الحرية في المهد".

في مواجهة الانتقادات الدولية، تكرر السلطات المصرية الردّ ذاته، وهو ما ورد على لسان وزير الخارجية سامح شكري في مؤتمر صحافي أخيرا. "المواطن المصري هو صاحب الحق الأوحد في تقييم مدى تمتعه بحقوق الإنسان"، مشددا على أن بلاده ترفض أي "تدخل في شؤونها الداخلية".

وتنفي السلطات أي توقيفات اعتباطية أو ممارسات تعذيب. وقالت وزارة الخارجية ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن الموضوع، إن الحكومة "تعلّق أهمية قصوى على حرية الرأي والتعبير. لا يوجد +سجناء سياسيون+ (...) والتوقيفات مرتبطة فقط بأعمال تنتهك القانون الجنائي".

كانت إشارة البدء لحملة القمع في صيف 2013 عندما قُتِلَ مئات الإسلاميين المعتصمين في القاهرة احتجاجا على عزل مرسي على، وفق العديد من منظمات حقوق الإنسان.

وواجهت جماعة الإخوان المسلمين التي ينحدر منها مرسي، وكذلك المعارضة الليبرالية واليسارية، منذ ذلك الحين لحملة اعتقالات تعسفية وملفات جماعية أمام القضاء وأحكاما بالإعدام.

في المقابل، عزز الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للجيش الذي أطاح بمرسي وانتخب رئيسا في العام 2014 سلطته شيئا فشيئا. وأعيد انتخابه بنسبة 97% من الأصوات في العام 2018 لعدم وجود مرشح جاد ينافسه.

في نيسان/ابريل 2019، أقرّ تعديل دستوري يتيح تمديد فترة رئاسة السيسي، ويشدّد قبضته على السلطة القضائية.

في أيلول/سبتمبر من العام نفسه، تظاهر مئات الأشخاص مطالبين برحيل السيسي وحاولوا دون جدوى الوصول الى ميدان التحرير في القاهرة، رمز الثورة على مبارك.

وأعقب ذلك توقيف ما يزيد على أربعة آلاف شخص أطلق سراح مئات منهم في ما بعد.

وتنتقد منظمات حقوق الإنسان الاتهامات بـ "الإرهاب" و بـ "نشر أخبار كاذبة" التي يوجهها القضاء غالبا لمنتقدي النظام.

كما تشير هذه المنظمات الى ظاهرة "تدوير" القضايا التي تتمثل في إعادة احتجاز المعارضين بعد انتهاء فترة حبسهم احتياطيا أو انتهاء مدة عقوبتهم على ذمة قضايا جديدة.

ويقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية مقرها القاهرة، "النظام القضائي يجب أن يكون قلعة تحمي الحقوق والحريات"، ولكن "القضاء نادرا ما يحاسب ضباط الشرطة".

وفي مواجهة الاتهامات المتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان، تتحجّج السلطات إجمالا بمكافحة الإرهاب في بلد يواجه هجمات لمسلحين إسلاميين متطرفين في شمال سيناء منذ العام 2013.

ويرى الباحث في مركز "كارنيغي"- الشرق الأوسط شريف محيي الدين أن الانتهاكات "تساهم في تغذية العنف الهيكلي وتغذي جزئيا التطرف".

وطال القمع أيضا وسائل الإعلام وحرية التعبير مع حجب مئات المواقع الإخبارية على الإنترنت منذ العام 2017. ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن 28 صحافيا مسجونون حاليا في مصر (21 / 01 / 2021).

وتؤكد لينا عطا لله، رئيسة تحرير موقع "مدى مصر" الذي يعد "استثناء" في مصر، أنه "لا توجد مؤسسات إعلامية تعمل بشكل مستقل".

وألقي القبض على عطا الله نفسها لفترات قصيرة أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.

واستحوذت شركات موالية للسلطة ومقربة من الجيش على وسائل إعلامية عدة.

ومن دون أن يتدخل مباشرة في السياسة، يتواجد الجيش في المجتمع من خلال الخدمات العامة التي يؤديها خصوصا في حالات الأزمة ومن خلال سيطرته على جزء من الاقتصاد. وحال الطوارئ سارية في البلاد منذ العام 2017.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، طالت حملة القمع ثلاثة من كوادر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي واحدة من أبرز المنظمات الحقوقية المصرية. وبعد ضغوط دولية قوية وغير مسبوقة، تم الإفراج عنهم. واستهدفت السلطات كذلك النساء.

خلال الشهور الأخيرة، تم توقيف قرابة عشر فتيات من المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، وصدرت في حقهن أحكام بالسجن بتهم تتعلق بالتحريض على الفسق والفجور.

ويقول الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان "الانتقال إلى دولة قانون يأخذ وقتا". ويضيف لفرانس برس "عندما نريد تحليل ما يحدث في مصر ينبغي أن نفهم ذلك".

تسلسل زمني - أهم الأحداث في مصر منذ انتفاضات الربيع العربي

وفي 25 / 01 / 2021 تمر الذكرى السنوية العاشرة على بدء الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بعد أن حكم البلاد قرابة 30 عاما.

تفجرت الاحتجاجات في 25 يناير كانون الثاني 2011 بعد 11 يوما من إرغام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على الفرار تحت الضغط

الشعبي والمظاهرات التي اجتاحت بلاده وكانت مصدر إلهام لانتفاضات أطاحت بزعماء عرب آخرين.

وفيما يلي تسلسل زمني للأحداث التي أحاطت بالانتفاضة المصرية في 2011 وما تلاها من أحداث:

- 2011

يناير كانون الثاني: تفجر احتجاجات في مختلف أنحاء مصر على حكم مبارك والمطالبة بمحاسبة المسؤولين وبالحرية والديمقراطية. وقوات الأمن تقتل المئات في اشتباكات خلال المظاهرات وقوات الجيش تنتشر لحفظ الأمن وسط الاضطرابات.

فبراير شباط: مبارك يتنحى بعد احتجاجات متواصلة وأعمال عنف استمرت 18 يوما ومجلس عسكري يتولى إدارة شؤون البلاد.

- 2012

نوفمبر تشرين الثاني 2011 حتى يناير كانون الثاني 2012: فوز التيار الإسلامي في انتخابات برلمانية دعا لها المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وجماعة الإخوان المسلمين تشكل أكبر كتلة برلمانية.

يونيو حزيران: 13 مرشحا يخوضون أول انتخابات رئاسية حرة في مصر تسفر عن إجراء جولة ثانية بين المرشح الإخواني محمد مرسي ورئيس الوزراء السابق أحمد شفيق. فوز مرسي بنسبة 52 في المئة من الأصوات.

أغسطس آب: مرسي يعين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة.

ديسمبر كانون الأول: مرسي يطرح إعلانا دستوريا في استفتاء أثار خلافات كبيرة وأدى إلى وقوع اشتباكات بين الإسلاميين وخصومهم.

- 2013

يونيو حزيران: احتجاجات كبيرة على رئاسة مرسي تطالب بعزله وانتشار الشكوى من الفقر وعدم الاستقرار.

يوليو تموز: الجيش بقيادة السيسي يطيح بمرسي الذي تم اعتقاله مع باقي قيادات الإخوان المسلمين.

أغسطس آب: قوات الأمن تقتل المئات من أنصار مرسي في اعتصامين الأول بمسجد رابعة العدوية بالقاهرة والثاني بميدان نهضة مصر في الجيزة فيما وصفته منظمات حقوقية بأنه أسوأ مذبحة في تاريخ مصر الحديث. بدء حملة تضييق واسعة تستهدف الجماعات المعارضة من أصحاب الفكر الليبرالي والإسلاميين وتستمر في السنوات التالية.

- 2014

يوليو تموز: انتخاب السيسي رئيسا لمصر بأغلبية 97 في المئة تقريبا من الأصوات بعد حملة وعد فيها بتحقيق الاستقرار وتحسين الاقتصاد المتعثر.

نوفمبر تشرين الثاني: متطرفون في سيناء يعلنون مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية.

- 2015

مارس آذار: مصر تعلن إنشاء عاصمة جديدة في الصحراء شرقي القاهرة.

يونيو حزيران: تفجير قنبلة اتهمت السلطات إسلامويين بزرعها يسفر عن مقتل النائب العام المصري في القاهرة. وتوالي هجمات في العامين التاليين تستهدف المدنيين، وخاصة المسيحيين، وقوات الأمن.

أغسطس آب: السيسي يفتتح قناة فرعية لقناة السويس باستثمارات بلغت ثمانية مليارات دولار تم تمويلها بشهادات استثمار شعبية.

- 2016

نوفمبر تشرين الثاني: مصر تبرم اتفاقا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار وتخفض قيمة عملتها. وإصلاحات تقشفية تزيد من الضغوط الاقتصادية على أعداد كبيرة من المصريين لكنها تساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

- 2017

مارس آذار: الإفراج عن مبارك بعد احتجازه ست سنوات وتبرئته من اتهامات من بينها الفساد وقتل المتظاهرين في احتجاجات 2011.

نوفمبر تشرين الثاني: متطرفون إسلامويون يقتلون أكثر من 300 شخص في مسجد بشبه جزيرة سيناء في أسوأ هجوم من نوعه تشهده مصر.

- 2018

مارس آذار: السيسي يفوز بفترة رئاسة ثانية بأغلبية 97 في المئة من الأصوات بعد وقف كل المنافسين له من المعارضة الجادة حملاتهم الانتخابية أو انسحابهم من الانتخابات.

- 2019

أبريل نيسان: الموافقة في استفتاء على تعديلات دستورية تسمح للسيسي بالبقاء في منصبه حتى عام 2030. والتعديلات تعزز أيضا دور القوات المسلحة وتوسع صلاحيات الرئيس في التعيينات القضائية.

يونيو حزيران: وفاة مرسي عن 67 عاما بعد إصابته بأزمة قلبية في أثناء جلسة لمحاكمته داخل مجمع سجون بالقاهرة.

سبتمبر أيلول: تفجر احتجاجات محدودة مناهضة للسيسي في عدة مدن بعد دعوات أطلقها على الإنترنت المقاول والممثل السابق محمد علي.

- 2020

فبراير شباط: وفاة مبارك في أحد المستشفيات عن 91 عاما وإعلان الحداد العام ثلاثة أيام.

مايو أيار-يونيو حزيران: صندوق النقد يوافق على قروض جديدة تبلغ قيمتها حوالي ثمانية مليارات دولار لمساعدة مصر على مواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا. أ ف ب ، رويترز

 

[embed:render:embedded:node:42545]