العراق: بعد حريق مستشفى "ابن الخطيب" الدامي...دعوات للمحاسبة

بعد أن كان العراق معروفاً حتى الثمانينيات بجودة مشافيه عربياً، وفاة العشرات احتراقا واختناقا وإصابة العشرات بمستشفى في بغداد جراء حريق بقسم الإنعاش الرئوي لمصابي كورونا إثر انفجار قناني الأكسجين. وعراقيون/ات يرون سوء الإدارة والفساد سبب المأساة. ووقف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد بعد الحريق الكارثي.

وزارة الداخلية العراقية: وفاة 82 شخصاً وإصابة 110 آخرين بحريق مستشفى "ابن الخطيب" - أعلنت وزارة الداخلية العراقية يوم الأحد 25 / 04 / 2021 وفاة 82 شخصاً وإصابة 110 آخرين بحادث حريق مستشفى ابن الخطيب.

وأشارت الوزارة، بحسب ما  أفادت وكالة الأنباء العراقية (واع) يوم الأحد، إلى أكثر من 7000 حريق إلى الآن في الثلث الأول من عام 2021.

واندلع الحريق في الليلة السابقة في قسم الإنعاش الرئوي للمصابين بفيروس كورونا جراء انفجار قناني غاز الأكسجين.

وأعلنت الحكومة العراقية الحداد الرسمي وإجراء تحقيق في الحادثة.

سوء الإدارة والفساد يفضيان إلى مأساة في أحد مستشفيات بغداد

رأى عراقيون في المأساة -التي تعرّض لها مستشفى مخصص لمصابي كوفيد-19 في بغداد، حيث قضى أكثر من 80 شخصا احتراقا أو اختناقا جراء حريق اندلع في المكان- إثباتاً جديداً على أنّ سوء الإدارة والفساد يقتلان في بلدهم.

وبدا المشهد لافتا مع غياب وزير الصحة حسن التميمي بعد ساعات من وقوع الحريق، وسط دعوات كانت تتصاعد إلى إقالته.

وعزا شهود عيان ومصادر طبية اندلاع الحريق إلى "انفجار اسطوانات الأكسجين الطبي المخزّنة بدون مراعاة لشروط السلامة" في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة العراقية.

وأسفرت المأساة عن مقتل 82 شخصا على الأقل، وإصابة 110 بجروح، بحسب مصادر رسمية.

 

 

وبدت عمليات الإخلاء والإنقاذ بطيئة وسط ازدحام السلالم وتدافع المرضى وأقاربهم، وقد توفي البعض على إثر نزع ماكينات الأكسجين فجأة عنهم من أجل إجلائهم.

وأوضح طبيب من مستشفى ابن الخطيب لوكالة فرانس برس أن "لا وجود لمخرج طوارىء في وحدة العناية المركزة لمرضى كوفيد-19، ولا نظام لمكافحة الحرائق".

ويتوافق تصريح الطبيب مع خلاصات تقرير حكومي صدر في 2017 حول القطاع الصحي، وقد جرى إهماله.

وأعلنت وزارة الداخلية الأحد اندلاع سبعة آلاف حريق بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2021. ويؤكد مسؤولون وعناصر إطفاء أنّ غالبية الحرائق كان سببها احتكاك كهربائي في متاجر ومطاعم أو مبانٍ يكون صاحبها قد أخفى المخالفات بدفع رشى.

وأكد الطبيب في "ابن الخطيب" أنّ "سوء الإدارة هو الذي قتل الناس".

وقال "يتجوّل مسؤولون صحيون وهم يدخنون في المستشفى حيث تخزّن أسطوانات الأكسجين"، مضيفاً: "حتى في غرف العناية المركزة غالبا ما يكون هناك قريبان أو ثلاثة جالسين قرب المريض".

وتروي ممرضة في مستشفى آخر في العاصمة، أنّه "عندما تتعطل معدات في المستشفى، يطلب إلينا المدير بألا نبلغ عن الأمر". وتابعت "يقول إنّ ذلك يعكس صورة سيئة عن المؤسسة، لكن في الحقيقة، ليس هناك معدات تعمل لدينا".

وقال الرئيس العراقي برهم صالح على إثر المأساة، في تغريدة على موقع تويتر، إنّ "الفاجعة (...) نتيجة تراكم دمار مؤسسات الدولة جراء الفساد وسوء الإدارة".

وكان العراق معروفاً حتى ثمانينيات القرن الفائت بمشافيه في العالم العربي وبجودة خدماتها ومجانيّتها. لكنه بات اليوم يعاني تدهوراً على هذا الصعيد وسط ضعف تدريب كوادره الصحيين وقلة موارد وزارة الصحة التي لا تتجاوز 2% من مجمل موازنة الدولة.

ويردد أطباء عراقيون القصص نفسها منذ سنوات: زملاء لهم تعرضوا للضرب والتهديد بالقتل أو الخطف من قبل أقارب مرضى ماتوا، أو وقعوا ضحية نيران الاشتباكات القبلية أو العائلية.

ويفضل العراقيون تلقي العلاج في الخارج خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار لديهم، إذ تضاعفت أسعار عبوات الأكسجين وأقراص الفيتامين-سي ثلاث مرات منذ بدء الأزمة الوبائية في البلاد.

وبين عام 2019 ومطلع 2020، تظاهر عراقيون ضد الفساد الذي كلّف البلاد ضعف ناتجها المحلي الإجمالي. وهم يرون أنّ تدهور الخدمات العامة سببه سنوات من المحسوبية والتفاهمات بين الأحزاب السياسية التي يحمي بعضها البعض الآخر.

وقرر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأحد وقف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد وإحالتهما على التحقيق.

ويفضّل العراقيون التعويل على أنفسهم في ظلّ وجود مسؤولين يصفونهم بـ"الفاسدين" و"غير الأكفياء".

وهذا الأمر كان واضحاً في مستشفى ابن الخطيب حيث انهمك شبان يغطون وجوههم بقمصان، في إسعاف الجرحى والمساعدة في نقلهم إلى سيارات إسعاف.

 

العراق يعلن الحداد ويفتح تحقيقات حول حريق مستشفى ابن الخطيب لمرضى كورونا في بغداد
العراق يعلن الحداد ويفتح تحقيقات حول حريق مستشفى ابن الخطيب لمرضى كورونا في بغداد

 

رئيس الوزراء العراقي يوقف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد بعد حريق المستشفى

وقرّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأحد 25 / 04 / 2021 وقف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد وإحالتهما على التحقيق بعد الحريق الذي اندلع في مستشفى ابن الخطيب ليل السبت الأحد وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 82 شخصا وإصابة 110 آخرين.

وقال بيان رسمي تلقت فرانس برس نسخة منه "قرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال جلسة استثنائية لمناقشة الحادث المأساوي في مستشفى ابن الخطيب (...) سحب يد وزير الصحة (حسن التميمي) ومحافظ بغداد (محمد جابر العطا) وإحالتهما للتحقيق".

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية الأحد ارتفاع حصيلة ضحايا الحريق الذي اندلع ليل السبت الأحد في مستشفى ابن الخطيب في بغداد المخصص للمصابين بفيروس كورونا إلى 82 قتيلا و110 جرحى.

وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل 58 شخصا.

وذكرت مصادر طبية لوكالة فرانس برس أن الحريق بدأ في اسطوانات أكسجين "مخزنة من دون مراعاة لشروط السلامة" في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة العراقية بغداد.

وقالت المصادر إن الحريق سببه الإهمال، المرتبط في أغلب الأحيان بالفساد، في بلد يبلغ عدد سكانه أربعين مليون نسمة ومستشفياته في حالة سيئة وهاجر عدد كبير من أطبائه بسبب الحروب المتكررة منذ أربعين عاما.

وبعد هذا الحريق، تصدّر وسم "استقالة وزير الصحة" الكلمات المفتاحية على موقع تويتر في العراق.

وأعلن الكاظمي الحداد الوطني ثلاثة أيام.

وقالت الحكومة في بيان في وقت سابق إنّ الكاظمي عقد اجتماعا طارئا مع عدد من الوزراء والقيادات الأمنية والمسؤولين، وأمر عقبه "بإعلان الحداد على أرواح شهداء الحادث"، معتبراً ما حصل "مسّاً بالأمن القومي العراقي".

وقرّرت الحكومة منح مبلغ 10 ملايين دينار (حوالى 5700 يورو) لذوي كل قتيل سقط في الفاجعة.

ونقل البيان الحكومي عن الكاظمي قوله خلال الاجتماع الطارئ إنّ "مثل هذا الحادث دليل على وجود تقصير لهذا وجّهت بفتح تحقيق فوري والتحفّظ على مدير المستشفى ومدير الأمن والصيانة وكلّ المعنيين إلى حين التوصّل إلى المقصّرين ومحاسبتهم".

وشدّد الكاظمي على أنّ "الإهمال بمثل هذه الأمور ليس مجرّد خطأ، بل جريمة يجب أن يتحمّل مسؤوليتها جميع المقصّرين"، مطالباً بأن تصدر "نتائج التحقيق في حادثة المستشفى خلال 24 ساعة ومحاسبة المقصّر مهما كان".

ومساءً، طالبت كتائب حزب الله العراقية بـ"إقالة حكومة الكاظمي".

لكنّ ردّ رئيس الوزراء لم يتأخّر إذ قال على تويتر "ندعو الجميع إلى التكاتف والتضامن ورفض المزايدات السياسية بالكوارث الوطنية".

وفي الساعات الأولى من صباح الأحد بينما كان عشرات من أقارب "ثلاثين مريضا في وحدة العناية المركزة" في مستشفى ابن الخطيب المخصص للحالات الأكثر خطورة من الإصابات بكورونا، وصلت ألسنة اللهب إلى الطوابق العليا، بحسب مصدر طبي.

وقال الدفاع المدني "لم يكن المستشفى يملك نظام حماية من الحريق والأسقف المستعارة سمحت بامتداد الحريق إلى مواد شديدة الاشتعال".

وأوضح أنّ ثلاث دقائق فقط كانت كافية لكي تنتشر النيران في كل طوابق المستشفى، مشيراً إلى أنّ "معظم الضحايا لقوا حتفهم لأنهم نقلوا أو حرموا من أجهزة التنفس الاصطناعي بينما اختنق آخرون بالدخان".

وأكد الدفاع المدني أنه تمكن من "إنقاذ تسعين شخصا من أصل 120 مريضا وأقربائهم"، لكنه رفض ذكر أي حصيلة للضحايا على الفور.

وبينما سارع رجال الإطفاء لإخماد النيران وسط حشد من المرضى والزوار الذين كانوا يحاولون الفرار من المبنى، قدم العديد من السكان مساعدة.

وقال أمير (35 عاما) لوكالة فرانس برس إنه أنقذ "في اللحظة الأخيرة إخوته الذين كانوا في المستشفى". وأضاف أن "الناس هم الذين أخرجوا الجرحى" من المستشفى.

 

الحريق في مستشفى ابن الخطيب أدى إلى مقتل نحو  82 شخصاً وجرح العشرات - بغداد - العراق
الحريق في مستشفى ابن الخطيب أدى إلى مقتل نحو 82 شخصاً وجرح العشرات:

 

وقال بكر كاظم وهو يرافق نعش والده إلى النجف "شعرنا بانفجار. كان في المستشفى ما بين 140 و 150 شخصا، رأينا الحريق ولم نتمكن من إنقاذ أحد".

وتوالى نقل النعوش الأحد إلى النجف حيث يدفن غالبية العراقيين الشيعة موتاهم.

ورأت مفوضية حقوق الإنسان الحكومية أنها "جريمة" بحق "المرضى الذين أصيبوا بفيروس كوفيد-19 ووضعوا حياتهم بين أيدي وزارة الصحة، لكن بدلا من شفائهم هلكوا في ألسنة اللهب".

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن "حزنها" وقالت إنها "في حالة صدمة"، فيما دعا البابا فرنسيس الذي زار البلاد في أوائل آذار/مارس 2021 إلى "الصلاة" لراحة انفس ضحايا الحريق.

ومساء، أفيد عن حريق آخر، نشب في مجمع تجاري في كركوك، دون الإشارة على الفور إلى سقوط ضحايا.

تجاوز عدد الإصابات بكورونا في العراق الأربعاء 21 / 04 / 2021 مليوناً بينما بلغ عدد الوفيات 15 ألفا. وقد سجلت البلاد على الأرجح، بسبب أعمار سكانها وهم من الأصغر سنا، عددا قليلا نسبيا من الوفيات.

وتقول وزارة الصحة إنها تجري فحوصا لحوالى أربعين ألف شخص يوميا وهو عدد منخفض جدا في بلد يضم عددا من المدن التي يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة وتشهد اكتظاظا.

ولتجنب المستشفيات المتداعية، يفضل المرضى بشكل عام تركيب عبوات أكسجين في منازلهم.

وفي بداية آذار/مارس 2021 أطلقت حملة تطعيم خجولة في البلاد التي ما زال سكانها الذين يتجنبون الكمامات منذ بداية الوباء مشككين جدا.

وقالت وزارة الصحة إنه بين نحو 650 ألف جرعة -من اللقاحات المختلفة تسلمها العراق كلها بموجب آلية كوفاكس- تم إعطاء حوالى 300 ألف جرعة. أ ف ب ، د ب أ ، ar.Qantara.de

 

 

 

[embed:render:embedded:node:38254]