لماذا يشعر المسلمون بالظلم؟

أثارت المحاضرة التي ألقاها البابا في ألمانيا ضجة شملت معظم الدول الإسلامية التي أعلنت عن احتجاجها على ما اعتبرته مساسا بالإسلام وشخصية النبي محمد. مقابلة مع الباحثة مها عزام حول دلالات هذه الاحتجاجات أجراها لويس غروب.

البابا بينيدكت السادس عشر أثناء إلقائه المحاضرة  المثيرة للجدل في جامعة ريغينسبورغ، الصورة: أ ب
البابا بينيدكت السادس عشر أثناء إلقائه المحاضرة المثيرة للجدل في جامعة ريغينسبورغ

​​

الى اي حد تتميز الاحتجاجات على خطاب البابا بالصدق والى أي مدى يحرف الإسلاميون هذا الغضب الثائر ويستغلونه سياسياً؟

مها عزام: هناك عدة أسباب تؤكد صدق ردود الفعل على ما يُعتبر تصويرا غير دقيق للإسلام. تنظيم الجماعات الاسلاموية لمثل هذه الاحتجاجات والتعبئة لها لا يعني أنها لا تعكس الرأي العام الذي سيعبر عن نفسه عفوياً لو أتيحت له الفرصة.

في معظم الدول الإسلامية كانت المظاهرات محدودة بسبب الخوف من تحولها الى مظاهرات مناهضة للحكومة. فلولا كثرة القيود المفروضة لكنا ربما شهدنا موجة احتجاج اقوى على ما ورد في خطاب البابا.

شارك بعض القادة المعتدلين مثل ملك المغرب محمد السادس وحلفاء الغرب مثل مُشرّف في موجة الاحتجاجات. هل يُعبر ذلك عن تغيير ما في توجهاتهم؟ هل تقوضت علاقة قادة الدول الاسلامية مع الغرب الذي طالما لعبوا دور الوسيط معه، ام ان احتجاجاتهم ليست إلا انصياع استراتيجي لضغط الشارع الشعبي؟

عزام: يعلم هؤلاء القادة وغيرهم في العالم الإسلامي أنهم لا يستطيعون الوقوف مكتوفي الأيدي وأصماء ازاء قضايا مهمة مثل هذه بسبب الرأي العام الاسلامي. ومع ذلك فانه من المعقول ان يشعروا هم ايضاً بأن ما قاله البابا اهانة غير عادلة للإسلام وان مثل هذه التصريحات تُضعف في النهاية موقفهم كحلفاء للغرب.

يبدو من ردود الفعل على تصريحات البابا انه من المستحيل توجيه النقد للاسلام من الخارج. هل برأيك انه من الممكن مناقشة المذاهب العقائدية من الداخل؟ هل هناك مجال للنقد الذاتي داخل الإسلام؟

عزام: ربما يجدر بنا ان نذكر انه لا يوجد دين يرحب بنقد جاهل لعقائده وتقاليده. في حالتي الرسوم الكاريكاتورية للصحيفة الدانماركية ومحاضرة البابا كان الأمر في القضية الأولى استهزاء وفي الثانية تحريفا مسيئا.

مها عزام
مها عزام: باحثة مختصة بالشؤون الإسلاموية ومقيمة في لندن

​​الإسلام دين يقدر العقل والتقدم، أما ان نفترض ان تعزيز ودعم هذه الصفات يأتي عن طريق انتقاد العقائد الدينية والأركان الأساسية التي يهتدي بها اتباع هذا الدين، فهذا يعني ان نقع في فخ العلمانية التي ترغب في الدرجة الأولى جعل الدين أقل أهمية في حياة الناس.

إلى أي مدى في اعتقادك تلعب قضايا الشرق الأوسط دوراً في هذا الجدل الحاصل حول البابا، مثل لبنان والعراق وايران ...؟

عزام: المشاكل الاقليمية بالطبع على رأس قائمة الهموم الإسلامية، إلا أني أعتقد ان تعليقات البابا كانت أيضاً لتثير هذا الغضب وعدم الرضى حتى لو لم تكن هناك مشاكل وهموم اقليمية.

ما الذي يجب عمله لردم هذا الشرخ بين المسلمين والغرب؟

عزام: يجب ان تكون هناك جهود منسقة من جانب الشعبوب والحكومات في الغرب والعالم الإسلامي على حد سواء لتعزيز الإحترام المتبادل والتعرف على عقائد وعادات الآخر. هذا يتطلب من الغرب، إضافة الى الدعم الجاد، مراجعة سياسته تجاه العالم الاسلامي على أساس المساواة ويكون على استعداد للإستجابة لهموم المسلمين. على المسلمين من جهتهم ان يكونوا مستعدين وقادرين على مساندة وتأييد مُثلهم وقيمهم والتنديد علناً بالعنف ضد المدنيين لأنه يتناقض مع روح عقيدتهم.

أجرى اللقاء لويس غروب
ترجمة منال عبد الحفيظ
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

أخطاء البابا وأخطاء المسلمين
خطأ البابا خطأ متعدد الجوانب: خطأ في المضمون، في السياق، وفي الزمان، وفي المكان. وخطأ المسلمين في الرد على خطأ البابا خطأ مركب أيضا: خطأ في مضمون الرد، وفي الأسلوب، وفي رفع مستوى الرد، وثم عدم قبول الأسف البابوي، حسب رأي خالد حروب