حوارات في زمن الحرب

تُظهر الحوارات التي يخوضها مدوّنون لبنانيون وإسرائيلون في شبكة الإنترنت حول الحرب أن الإنترنت لا يعرف حدودًا. حوار فريد من نوعه ينشأ على الانترنت متخطيًا كل الحدود القائمة بين الطرفين. تقرير بقلم إنغمار كرايزل

الصورة: د ب أ/دويتشه فيلله
الاتصال عبر الشبكة في زمن الحرب ممكن!

​​

يكتب في الشبكة مدوّنون لبنانيون وإسرائيليون حول تجاربهم وآرائهم في الحرب. وهم يكتبون من ملاجئ يحتمون فيها في إسرائيل ومن عمارات عالية ومقاه للإنترنت في بيروت. وكثيرًا ما لا يتحدّثون عن السياسة، بل عن نتائج الحرب اليومية وعن أحلام محطّمة وعن الأمل في نهاية قريبة للحرب.

فعلى سبيل المثال بدأت الفنّانة اللبنانية زينة الخليل منذ بداية الغارات الإسرائيلية بتدوين مدوّنة، تصف فيها مشاعرها منذ بداية القصف الإسرائيلي. أصبحت مدوّناتها بعد أسبوعين من بداية الغارات الجوية تنمّ عن الاستسلام للأقدار وفقدان الأمل. في الثاني من شهر آب/أغسطس اكتفت زينة بتدوين: "أشعر أنني عاجزة تمامًا".

اللبنانيون يتوحدون

يشعر الكثير من اللبنانيين بأنهم رجعوا إلى زمن الحرب الأهلية، حينما كان انقطاع التيار الكهربائي ووقوف الناس في طوابير أمام المتاجر والأسواق أمرين طبيعيين. كتب Zadigvoltaire في مدوّنته عن حالة نقص المواد التموينية التي أصبحت بيروت تعانيها بعد بدء الغارات: "لا توجد مضادّات حيوية ولا كهرباء وهناك نقص متزايد في البنزين".

كثيرًا ما يمكن الاطلاع في المدوّنات على الحاجة الماسة التي تجعل اللبنانيين بسبب الأزمة يتناسون مشاكل بلدهم الداخلية وهي مشاكل تضعهم في صفّ واحد ضدّ "العدو". أظهر استطلاع أجراه مركز بيروت للأبحاث والمعلومات أن ما نسبته 87 بالمائة من اللبنانيين يؤيّدون مقاومة وتصدّي حزب الله للجيش الإسرائيلي.

كتب أحد المدوّنين وهو يحمل اسم الشهرة Gaztastic: "دعونا كلبنانيين ننسى في هذه الفترة مشاكلنا الداخلية ومشاكل سياستنا الداخلية ونحاول أن نتوحّد لكي نحمي بلدنا. حاليًا لا يوجد وقت لتبادل الاتّهامات. لقد حان الوقت من أجل التكاتف بهدف حماية بلدنا".

كتب مصطفى Mustapha في مدوّنته التي تحمل عنوان Beirut spring والتي أطلقها بعد اغتيال الحريري، أنه يعتبر حزب الله خصما سياسيا له بيد أنه مع ذلك يعتبره جزءاً من النظام السياسي ولهذا السبب فهو جزء من لبنان أيضًا.

خوف في الطرفين

يعيش الناس على الطرف الآخر، أي في شمال إسرائيل في مثل هذا الخوف من تكرار سقوط الصواريخ ومن تجدّد سماع دوي صفّارات الانذار. بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وتنامي الأمل في انسحابه من الضفة الغربية، انبعث لدى الكثير من الإسرائيليين الأمل في بدء عملية سلام.

لقد كان التصعيد الذي أعقب عملية خطف الجنديين الإسرائيليين بالنسبة للكثير من الإسرائيليين بمثابة صدمة. يصف مدوّن من شمال إسرائيل عاد إلى هناك بعد إجازة طويلة مشاعره إبّان عودته على هذا النحو:

"لقد غادرت بلدًا كان هادئًا نسبيًا (...) لم يمض إلاّ شهر واحد وإذا بي أعود لأجد نفسي في بلد تعمّه المآسي والفواجع والأحزان".

إن حال الإسرائيليين الذين يعيشون في أماكن تطالها قذائف الكاتيوشا هي تمامًا كحال اللبنانيين؛ فهم يصفون حياتهم اليومية في ظل تعرّضهم لصليات مستمرّة من الصواريخ.

فعلى موقع kishkushim.blogspot.com تكتب مجموعة من الطلّاب عن حياتهم في حيفا منذ بداية الحرب: "انطلقت صفّارات الانذار من جديد فاندفعنا راكضين إلى الممرّ، وهذا هو المكان الوحيد في بيتنا حيث لا توجد نوافذ وجدران أو أبواب تطل على الخارج".

فرصة وحيدة للحوار

بالرغم من أن سياسيي المعسكرين لا يتحدّثون مع بعضهم البعض، إلاّ أن مواطني البلدين يخوضون الحوارات مع بعضهم البعض. يستغل الكثير من المدوّنين الفرصة المتاحة لهم من خلال مواقعهم في الإنترنت للتواصل مع بعضهم البعض - وهذه هي الفرصة الوحيدة المتوفّرة للإسرائيليين واللبنانيين للاتّصال ببعضهم.

كتب المدوّن الإسرائيلي Ben Basat في مدوّنته "هالو لبنان، هالو إسرائيل". "لا أعرف ماذا سيحدث، لكن يجب علينا أن نستفيد من فوائد وقوّة التدوين، لكي نقيم منتدى للجميع." - يبدو أن بعض المدوّنين على الأقل يريدون القيام بذلك.

إن من يطالع المدوّنات يجد مرارًا وتكرارًا تعليقات من مدوّنين إسرائيليين على مدوّنات لبنانية - وبالعكس.

إنّ موقع المدوّنات arabisraelipeace.com الإسرائيلي-اللبناني لخير مثال على تقارب المدنيين من كلا الطرفين. بادر الى تكوين هذا الموقع إسرائيلية ولبناني بهدف تعزيز التبادل ما بين الطرفين والجمع ما بين "العرب والإسرائيليين".

مصدر للمعلومات

كذلك يبدو أن الجنود الإسرائيليين يستفيدون من المدوّنات كمصدر للمعلومات. كتب Sachar في مدوّنة: "هيه، أنا جندي في جيش الدفاع الإسرائيلي، موجود في منطقة الحدود مع لبنان (...) نحن لا نستطيع هنا في إسرائيل أن نرى كلّ القذائف التي تطلق على لبنان (ففي العادة نركّز اهتمامنا على القذائف التي تطلق على إسرائيل)، وعليه فأنتم الذين يمكن أن تطلعونني على المجريات. (...) لا أريد الآن أن أبدأ بنقاشات حول من هو على صواب ومن هو على باطل، ففي آخر الأمر يبقى سقوط ضحايا مدنيين من كلا الطرفين أمرًا غير مشروع قطّ".

وبما أنه يمكن التعليق على كلّ واحدة من المدوّنات في مواقع الإنترنت، فقد نتج عن ذلك العديد من الحوارات والنقاشات التي يمكن فيها للإسرائيليين واللبنانيين أن يتحدّثوا مع بعضهم البعض ويعرضوا آراءهم الخاصة.

وبالرغم من كلّ التطوّرات الإيجابية في مجتمع المدوّنين في الإنترنت إلاّ أنه يجب أن لا نغفل عن أن المدوّنين لا يشكّلون إلاّ جزءً صغيرًا داخل مجتمعاتهم. وغالبية هؤلاء المدوّنين هم من الأكاديميين الشباب الحاصلين على تعليم جيد، الذين يدردشون مع بعضهم البعض باللغة الإنكليزية. لا يوجد في هذه المدوّنات لاجئون شيعة ممن تم إيواؤهم في تجمّعات ومخيّمات مؤقّتة واضطروا إلى ترك كلّ ممتلكاتهم وراءهم.

أمّا إذا ما كان هؤلاء المدوّنون هم حقًا يحملون هذه الأسماء والهويّات التي يستخدمونها في مدوّناتهم فذلك أمر معلّق. فمن الناحية النظرية يمكن لكلّ شخص أن يدّعي بأنه إسرائيلي أو لبناني، وهو أمر لا يمكن التحقّق منه.

بقلم إنغمار كرايزل
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

تطوّر نشيط لمشهد المدونة الإيراني الحديث
تقدّم نسرين علوي في كتابها "نحن إيران: إنتفاضة ضد رجال الدين - مشهد المدونة الإيراني الحديث"، للقرّاء نظرة عميقة على ما يدور في الإنترنت من ثقافة إيرانية معارضة لرجال الدين. تقرير بقلم غولروح إسماعيل

مناقشات بعيدا عن العقلانية
أمريكا وإسرائيل تقفان وراء تنظيم القاعدة والمسلمون دوما هم الضحية، عبارات نقرأها في دردشات عديدة على مواقع إلكترونية ألمانية وإنكليزية يرتادها مسلمون شباب من أوربا. تقرير لينارت ليمان

الإنترنت
حقق الإنترنت حلم الحصول على معلومات بشكل سريع وحربالإضافة إلى سهولة الاتصال بالآخرين. ولكن هذا بالذات يدفع العديد من الحكومات إلى محاولة التضييق على هذه الوسيلة الإعلامية لا سيما في العالم الإسلامي

www

مدونات لبنانية

Zena Khalil

Zadig Voltaire

Amin Younes

The Lebanese Struggle (Gaztastic)

مدونات إسرائيلية

Kishkushim

Ben Basat

Lisa Goldman

Arab-Israeli Peace Blog