الجزائر اليوم: ما هي السيناريوهات المحتملة بعد استقالة بوتفليقة؟

ينوي الشارع الجزائري مواصلة الضغط على السلطة بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. المراقبون يرون أنه من الضروري الدخول مباشرة في دورة مفاوضات لتأمين انتقال هادئ للسلطة.

بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يتولى نظريا الفترة الانتقالية رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، .

ولم يتمّ إعلان أي موعد لانعقاد اجتماع مجلسي البرلمان، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وهي المرحلة المقبلة بحسب الدستور، الذي ينصّ على تولي رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئاسة البلاد لمدة أقصاها 90 يوما.

ويُفترض أن يجري بن صالح خلال هذه الفترة، انتخابات رئاسية على دورتين وأن يسلّم السلطة إلى الرئيس الجديد المنتخب إلا أنه لا يحقّ له الترشح.

ونظرا للمهلة الضيقة جدا، سيكون عليه الدعوة للانتخابات سريعا، لأن القانون الانتخابي ينص على عدد معين من المهل بينها خصوصا فترة 45 يوما لجمع التواقيع اللازمة وايداع ملفات الترشح والتي يفترض أن يصادق عليها لاحقا المجلس الدستوري، وتنظيم دورة ثانية بعد 15 يوما على اعلان نتائج الدورة الاولى.

والى جانب مطلب رحيل الرئيس عن السلطة، وهو ما تحقق، يطالب الشارع الجزائري أيضا برحيل "النظام" بأكمله. ومن غير الوارد أن يتولى أحد من الشخصيات التي كانت تشغل مناصب رئيسية خلال حكم بوتفليقة، ادارة المرحلة المقبلة.

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي تتكثف الدعوات الآن لإبعاد كل من بن صالح والطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، الهيئة المكلفة السهر على قانونية الانتخابية، ونور الدين بدوي رئيس الوزراء.

وقبل تعيين نور الدين بدوي رئيسا للوزراء في 11 آذار/مارس كان يشغل على مدى أربع سنوات منصب وزير الداخلية وبصفته هذه كلف تنظيم انتخابات اعتبرتها المعارضة مزورة. وهذه الشخصيات الثلاث الرئيسية في النظام، خدمت بوتفليقة بوفاء منذ وصوله الى السلطة.

من جانب آخر، يقول المحتجون إن المهل القصيرة جدا تجعل من الصعب تعديل القانون الانتخابي الذي يخدم مصلحة السلطة والأحزاب "الراسخة".

ودعت حوالى عشرين مؤسسة بينها جمعيات مدافعة عن حقوق الانسان واخرى شبابية او نسائية او نقابية، الشعب الى مواصلة التظاهرات الجمعة "من أجل إبقاء الضغط" حتى "رحيل كل مسؤولي النظام" وتشكيل مؤسسات انتقالية.

أي عملية انتقالية في الجزائر واي دور للجيش: "يريد الجيش تفادي حصول فراغ، بتسليم مقاليد السلطة في البلاد لرئيس مهمته إدارة العملية الانتقالية. يبدو لي أن هذا هو المخطط. المؤسسة العسكرية (ستريد) البقاء فوق التجاذبات وليس لديها المقومات اللازمة لكي تدير (بنفسها) العملية الانتقالية السياسية. إن المهل قصيرة جدا لاقتراح تعديلات على قانون الانتخاب. في الوقت نفسه يمكن لإرادة سياسية صلبة أن تقود إلى رئيس منتخب بالاقتراع العام وإلى انتخابات حرة. الانتخابات الرئاسية أقل تعقيدا من الانتخابات التشريعية".
أي عملية انتقالية في الجزائر واي دور للجيش: "يريد الجيش تفادي حصول فراغ، بتسليم مقاليد السلطة في البلاد لرئيس مهمته إدارة العملية الانتقالية. يبدو لي أن هذا هو المخطط. المؤسسة العسكرية (ستريد) البقاء فوق التجاذبات وليس لديها المقومات اللازمة لكي تدير (بنفسها) العملية الانتقالية السياسية. إن المهل قصيرة جدا لاقتراح تعديلات على قانون الانتخاب. في الوقت نفسه يمكن لإرادة سياسية صلبة أن تقود إلى رئيس منتخب بالاقتراع العام وإلى انتخابات حرة. الانتخابات الرئاسية أقل تعقيدا من الانتخابات التشريعية".

المؤسسة العسكرية (ستريد) البقاء فوق التجاذبات وليس لديها المقومات اللازمة لكي تدير (بنفسها) العملية الانتقالية السياسية

وتقول الباحثة ايزابيل فيرينفيلس في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن إن السؤال الآن هو "هل ستلتزم الجزائر العملية الدستورية مع انتخابات في خلال 90 يوما، أو سيكون هناك جهد للتفاوض للوصول الى نتيجة خارج إطار الدستور؟".

في الوقت الراهن أطلقت الآليات المؤسساتية وبدأت الحكومة تعطي اشارات ولو رمزية الى انفتاح ديموقراطي على الاعلام والمعارضة والمجتمع المدني.

ويجري، قبل اجتماع البرلمان، الحديث عن استقالة عبد القادر بن صالح الذي كان يمثل منذ 2013 في الجزائر او الخارج بوتفليقة حين لم يعد يظهر علنا بسبب تداعيات الجلطة الدماغية التي اصابته، بهدف تعيين مكانه شخصية "مقبولة أكثر".

من الوارد أيضا استقالة المجلس الدستوري، وهي الوسيلة الوحيدة لتغيير أعضائه، لكن تعيينهم من سلطة رئيسي الدولة والحكومة ومؤسسات "النظام".

في المقابل فان رئيس الدولة بالوكالة لا يملك السلطة الدستورية لتعديل الحكومة. وفي حال لم تهدأ حركة الاحتجاج، فسيكون من الصعب مواصلة العملية الى نهايتها.

وتعتبر الباحثة الألمانية ايزابيل فيرينفيلس أن "أحد الخيارات يمكن ان يكون تعيين شخصية مستقلة، توافقية لادارة مؤسسة انتقالية".

لكن لا يزال يتعين ايجاد الشخصية، التي تحظى بتوافق ضمن حركة احتجاجية لم تؤد الى ابراز شخصية رئيسية وترفض أن يستحوذ أحد على مكتسباتها، لكن الحكم يفترض أن يكون الجيش، الذي كان تدخله حاسما من أجل رحيل بوتفليقة عن الحكم.

ويؤكد الجيش أن المساعي التي يبذلها "تؤكد أن طموحه الوحيد هو ضمان امن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير حق على مقدرات الشعب الجزائري"، مضيفا "في هذا الصدد بالذات نؤكد أن اي قرار يتخذ خارج الاطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلا".

 

 

ماذا سيفعل الجيش اذا في حال تواصلت التظاهرات الحاشدة؟

أما مدير مركز الدراسات العربية والمتوسطية في جنيف، حسني عبيدي، فيرى أن "المخاوف كبرى من حصول مواجهة بين الشارع والمؤسسة العسكرية"، لافتا الإنتباه الى أن "الجيش اليوم ليس له سلطة مضادة" في الجزائر.

وحول جملة التحديات التي تواجهها الجزائر بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يقول حسني لعبيدي في تحليله:

"رحيل بوتفليقة يفتح المجال أمام لاعبَين هما المؤسسة العسكرية والشارع الجزائري. وهو يظهر قطيعة بين الجيش و"القطب الرئاسي" بعد سنوات طويلة من دعم الجيش لبوتفليقة ودعم الشعب للجيش. إنه انتصار أول للجيش، لكنه ليس نهائيا إذ إن العملية الانتقالية السياسية هي التحدي الأكبر. لقد أصبح الشارع الجزائري اللاعب الجديد على الساحة السياسية الجزائرية. وهو لن يتوقّف عند هذا الحد. سيطالب بترجمة سياسية لهذه الاستقالة".

 كما أشار إلى أن "الجيش يغامر خسارة هيبته في حال ارتكب خطوات ناقصة خلال العملية الانتقالية. لا نعلم الكثير عن نواياه في ما يتعلّق بإدارة البلاد في مرحلة ما بعد بوتفليقة. هل سيبقي على الحكومة الحالية، أم على طرح بوتفليقة عقد ندوة وطنية أم لديه خارطة طريق خاصة به؟".

وأضاف عبيدي: "الجيش ليس مخولا أو مدربا على إدارة عملية انتقالية حساسة تقررت على عجل مع رحيل غير متفاوض عليه لرئيس الجمهورية"، معتبرا أنه من الضروري الدخول مباشرة في دورة مفاوضات لتأمين انتقال هادىء للسلطة. (أ ف ب)