استضافة السعودية أحداثاً رياضية كبرى مثل رالي دكار - تقوية للحضور السعودي على الساحة العالمية

تعكس استضافة النسخة الأولى من رالي دكار الصحراوي في السعودية في كانون الثاني/يناير 2020، رغبة لدى المملكة المحافظة في أن تصبح وجهة بارزة في مجال الرياضة بهدف تحسين صورتها أمام العالم.

وفي الأشهر الأخيرة، ضاعفت الرياض من استثماراتها في مجال الرياضة بشكل كبير واستضافت العديد من الأحداث والمباريات الرياضية المختلفة.

وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر 2019، شارك النجم كريستيانو رونالدو وفريق يوفنتوس في مباراة الكأس السوبر الإيطالية التي أقيمت في السعودية للعام الثاني تواليا، وهذه المرة على ملعب الملك السعود في الرياض بعد أن أقيمت النسخة السابقة في جدة.

وإضافة الى الكأس السوبر الإيطالية، ستستضيف السعودية مسابقة الكأس السوبر الإسبانية في الأعوام الثلاثة المقبلة بدءا من كانون الثاني/يناير.

واستضافت المملكة في الآونة الأخيرة الكثير من الأحداث الرياضية الدولية، إن كان في كرة القدم أو المضرب والفورمولا إي المخصصة للسيارات الكهربائية مئة بالمئة، وبطولة العالم للفورمولا واحد للزوارق السريعة والملاكمة.

وفي كانون الأول/ديسمبر أيضا، استعاد ملاكم الوزن الثقيل البريطاني أنطوني جوشوا لقبه العالمي، بفوزه على الأميركي من أصل مكسيكي أندي رويز في الرياض.

وتأتي إقامة الرالي الصحراوي الأشهر في الأعوام الخمسة المقبلة في المملكة، ضمن مسعى سعودي لزيادة النشاطات الرياضية، في إطار "رؤية 2030" التي تسعى من خلالها الرياض الى تنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات العامة.

ويقام الرالي بين الخامس من كانون الثاني/يناير و17 منه، انطلاقا من مدينة جدة على البحر الأحمر في غرب السعودية، وصولا الى القدية، ويمتد على 12 مرحلة لمسافة أكثر من 75 ألف كلم من صحراء المملكة.

"تحسين الصورة"

وتضررت صورة المملكة إلى حد كبير في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018، وبعد التدخل العسكري المثير للجدل في اليمن منذ عام 2015، وكذلك انتهاكات حقوق الإنسان خصوصاَ تجاه المعارضين.

وفي عام 2019 تم تنفيذ حكم الإعدام ضد 187 سجينا على الأقل، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا إلى معلومات رسمية. وتقول منظمة العفو الدولية إن هذا أعلى عدد للإعدامات منذ 20 عاما.

وفي السنوات الماضية، خففت السعودية من القيود المفروضة على المرأة، في إطار حملة إصلاحات اجتماعية يقودها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان.

وتأتي هذه الاصلاحات فيما تواجه السعودية انتقادات بسبب سلوكها في مجال حقوق الإنسان وخصوصا المحاكمات الجارية بحق 11 ناشطة حقوقية.

وبالنسبة لكارول غوميز من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس لوكالة فرانس برس فإن هناك "سياسة قوية للغاية لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، ومن أجل استقطاب الأشخاص (..) لنشر صورة مختلفة عن السعودية في جميع أنحاء العالم".

وتأمل الرياض عبر الاستثمار في الرياضة في إعطاء دفعة لمسعاها لاستقطاب السياح عبر فتح أبوابها للزوار الأجانب. وبدأت المملكة هذا العام للمرة الأولى في تاريخها بإصدار تأشيرات سياحية لمواطني 49 دولة أوروبية وأميركية وأسيوية.

"بطاقة بريدية"

وتعد استضافة رالي دكار الصحراوي الذي سيبث صورا للسيارات في صحراء السعودية في 190 دولة بمثابة هدية للسعودية.

وتشير غوميز أن "الفكرة هي التباهي بجمال المناظر الطبيعية والبنى التحتية التي يمكنها استضافك حال جئت في رحلة وجعلها بمثابة بطاقة بريدية" من السعودية.

ورأى كونتان دي بيمودان من معهد الدراسات الاوروبية والأميركية أن رالي دكار سيكون مهما للغاية.

وقال لوكالة فرانس برس إنه "سيعزز المناظر الطبيعية والتراث في وقت تقوم فيه المملكة بالانفتاح أمام السياح الأجانب".

وسيترافق الرالي مع شريط دعائي من المقرر أن يعرض على شاشات عملاقة في عدد من المدن مثل باريس وميلانو ومدريد ولندن ودبي، إضافة الى مدن سعودية، تروى من خلاله "قصة المملكة عبر التاريخ".

وأثارت إقامة الرالي في السعودية انتقادات من قبل بعض المنظمات الحقوقية على خلفية اتهامات للمملكة بانتهاك حقوق الانسان.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أن "السعودية تحاول غسل انتهاكاتها بالرياضة" مشيرة الى أن هذا يندرج في إطار "محاولة واضحة لاستخدام الرياضة لغسل سمعة المملكة الحقوقية السيئة، وإظهار وجه تقدمي لها عبر تنظيم فعاليات مشهورة تحت قيود شديدة".

ورفض نجما الغولف الأميركي تايغر وودز والإيرلندي الشمالي روري ماكلروي المشاركة في النسخة الثانية التي ستقام في كانون الثاني/يناير 2020.

وليست الشروط التعاقدية المتعلقة برالي دكار في السعودية معروفة بالتفصيل. ويفضل المنظمون التركيز على الإشادة بـ "الرغبة بالانفتاح" الموجودة لدى الرياض، مشيرين إلى أن أي حدث مماثل لم يكن ممكنا دون الإصلاحات التي أدخلها ولي العهد السعودي.

وبحسب غوميز فإنه "سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف سيتم هذا؟ (...) هل سيثير رالي دكار السعودي الحماس أو الانتقادات بين المتنافسين والمتابعين؟ وهذا ما سيظهر إن كانت فكرة جيدة أم لا". أ ف ب 02 / 01 / 2020